الاثنين، 20 مارس 2023

تفسير الإمام العسكري

تفسير الإمام العسكري

تفسير رؤية العسكر في المنام للنابلسي او لابن سيرين,التفسير المنسوب للإمام الحسن بن علي العسكري ع

Webالكتاب: تفسير الإمام العسكري (ع) المؤلف: المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) الجزء: الوفاة: ٢٦٠ المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع) الطبعة: الأولى محققة Webالكتاب: تفسير الإمام العسكري (ع) المؤلف: المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) الجزء: الوفاة: المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع) الطبعة: الأولى محققة سنة الطبع: ربيع Webهو تفسير يرويه محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، بإملاء من الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وذلك ضمن قصّة مدوّنة مذكورة مطلع التفسير Webتفسير الإمام العسكري (ع) نذكر عدَّة موارد لتفسير الإمام العسكري (عليه السلام) القرآنَ الكريم: المورد الأول: لقد شغلَتْ الحروفُ المقطَّعة بالَ المفسِّرين ، فضرَبوا يميناً وشمالاً ، وقد Webتفسير رؤية العسكر في المنام لابن سيرين: يقول ابن سيرين ان رؤية العسكر في المنام تشير الى خير كثير يناله الرائي. وتشير رؤية العسكر في المنام الى التغلب على الاعداء. ورؤية العسكر في المنام تشير الى حكمة الحالم ورزانة عقله وقوة شخصيته ورؤيته الصائبة. اما ... read more




فلما سمع الإمام عليه السلام [بهذا] قال: «هذا حين إنجازي ما وعدتكما من تفسير القرآن»، ثم قال عليه السلام : «[قد] وظفت لكما كل يوم شيئا منه تكتبانه، فألزماني وواظبا علي يوفر الله تعالى من السعادة حظوظكما». فأول ما أملى علينا أحاديث في فضل القرآن وأهله، ثم أملى علينا التفسير بعد ذلك، فكتبنا في مدة مقامنا عنده، وذلك سبع سنين، نكتب في كل يوم منه مقدار ما ننشط له تنتهي سلسلة أسانيد هذا التفسير إلى الأسترآباديين، أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبي الحسن علي بن محمد بن سيّار، وهما من الشيعة الإمامية، وقد وجد إليهما سندان:. السند الأوّل: قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسني الجرجاني، عن السيد أبي جعفر مهتدي ابن حارث النجاشي المرعشي، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الشيخ الصدوق ، عن أبي الحسن محمد بن القاسم الأسترآبادي الخطيب، عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبي الحسن علي بن محمد بن سيار.


السند الثاني: ما ذكره العلامة المجلسي عن بعض النسخ، وهو: قال محمد بن علي ابن محمد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما الله، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الشيخ الصدوق إلى آخر السند المتقدم 8. الأول: عدم اعتبار الكتاب بأكمله، وهو موضوع، وأبرز القائلين به هو الغضائري ابن الغضائري والعلامة الحلي والمحقق الداماد 10 ومن المتأخرين السيد الخوئي قدّس سرّهم الثاني: اعتبار جميع ما في الكتاب، ومن أنصار هذا القول الشيخ الحر صاحب الوسائل 12 ، والمجلسيّان الأب والابن وصاحب المستدرك الثالث: التفصيل، فبعضه معتبر، وبعضه الآخر مردود، حاله حال سائر الكتب التي فيها المقبول وفيها غيره، ومن المتبنّين لهذا الرأي الشيخ الداوري حفظه الله لو نظرنا بشكل عابر للأدلة والمناقشات التي عرضها أصحاب كلّ رأي لتثبيت مختارهم حول التفسير لوجدنا أنها تتمحور تحت إطارين وسياقين، الأول هو من جهة طريق وسند التفسير إلى الإمام العسكري عليه السلام ، والثاني هو من حيث محتواه ومضمونه، وعليه ينبغي من أجل الخوض في غمار البحث وتقليب أدلّة القبول والرفض بدون تداخل وتشويش بين السياقين أن نتناول كل واحد منهما على حده.


الشق الأول من كلا سندي التفسير -وتحديداً من بدايته إلى الشيخ الصدوق رحمه الله - لا توجد فيه مشكلة، لكن الكلام وقع فيمن يروي عنه الصدوق وهو محمد بن القاسم الأسترآبادي، والرجلَيْن الذَين ينقل عنهما وهما يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار. أما بالنسبة لمحمد بن القاسم الأسترآبادي فقد قال عنه العلاّمة الحلي في الخلاصة عند ترجمته: "محمد بن القاسم وقيل ابن أبي القاسم المفسر الأسترآبادي روى عنه أبو جعفر ابن بابويه ضعيف كذاب روى عنه تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث عليه السلام والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير" وهو عين ما ذكره ابن الغضائري 16 فالعلامة أخذه منه فإن قيل: "رواية الصدوق عنه كثيرا لا تدل على وثاقته، ولا سيما إذا كانت الكثرة في غير كتاب الفقيه، فإنه لم يلتزم بأن لا يروي إلا عن ثقة، نعم لا يبعد دعوى أن الصدوق كان معتمداً عليه لروايته عنه في الفقيه، المؤيّد بترضّيه وترحّمه عليه كثيراً، ولكن اعتماد الصدوق لا يكشف عن الوثاقة، ولعله كان من جهة أصالة العدالة" فإنه يقال: إن كثرة رواية الجليل عن شخص أمارة الوثاقة؛ إذ يعيب عليه كثرة النقل عن الضعيف 21 ، خاصة إذا اقترن نقله مع ما يظهر منه الاعتماد، ثم إن الترحم والترضي وخاصة الثاني لا يخلو من إشارة وتلويح على الوثاقة، ولا سيّما مع تكرار ذلك مراراً، ومن شخص عارف كالصدوق قدّس سرّه ، نعم قد يكون مجرّد الاستغفار أو بعض حالات الترحّم لا يدل عليها، إلا أن كثرة ذلك، وضمّه مع الترضّي -الذي هو مرتبة أعلى من الاستغفار والترحّم- يستشف منه الوثاقة.


يقول المحقق الداوري في هذا الشأن: "والتحقيق في المقام أن يقال: إن الدعاء بطلب المغفرة لا دلالة فيه على التوثيق، ولم يقل به أحد، ومحل الكلام هو الترحّم والترضّي. فأما الترحّم: فالظاهر أنه مورد اهتمام العرف، فلا يُترحّم على كل أحد وإن كان لا يفرق فيه بحسب اللغة، فكلّ شخص يمكن أن يُدعى له بالرحمة. وأما الترضّي: فهو في اللغة بمعنى الرضا، أي قبله الله وأراد ثوابه، وهو لا يطلق على كلّ أحد، فلا يقال لمن يتجاهر بالفسق مثلاً: رضي الله عنه ، وإنما يقال [لمن] كان في رتبة عالية من الجلالة والقداسة، كسلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمّار وأمثالهم، وعلى هذا تختلف العبائر باختلاف الحالات والمقامات. فالمرتبة الأولى، وهي: طلب الغفران، يفرض فيها العصيان والخطأ فيطلب الستر والتجاوز عن خطئه. والمرتبة الثانية، وهي: طلب الرحمة كالأولى مع زيادة التعطّف والرقّة. والمرتبة الثالثة، وهي: طلب الرضا، فالنظر فيها إلى الأعمال الصالحة فقط فيطلب الثواب والأجر عليها، فكأنما لا يرى له خطأ أو عصيان، ونظيره ما يقال عند ذكر الأجلاّء في عصرنا: «قدّس الله سرّه» أو «أعلى الله مقامه»، ولا إشكال في دلالته على الجلالة والعظمة فوق الوثاقة" وأما أصالة العدالة فهي مورد نظر وتوقف، والمدرك المدّعى لها مردود، وهي أشبه بالقول بعدالة الصحابة.


والخلاصة: أنه بإمكاننا تجاوز مشكلة السند من جهة الأسترآبادي، ولا أقل من كونه حسناً، وإن تنزّلنا وأغمضنا العين عن جميع ما ذكر فهو مجهول الحال وليس ضعيفاً كذّاباً كما نقل. وأما بالنسبة للرجلَيْن، وهما يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار فوصفهما ابن الغضائري والعلامة في الخلاصة -في الكلام المتقدّم- بالمجهولين، ولم يذكرا بمدح ولا ذمّ في كتب الرجال، ولكن وجدت محاولتان لتوثيقهما:. الأولى: نص الطبرسي في الاحتجاج -عندما ذكرهما-: "وكانا من الشيعة الإمامية" 23 ، وهذه العبارة مذكورة أيضاً في بداية تفسير العسكري عليه السلام عند ذكر السند 24 ، ومعها كيف يكونا مجهولَين؟ ويرد عليها: أن هذه العبارة لوحدها قاصرة عن إثبات وثاقتهما، وهل مجرّد الكون من الشيعة الإمامية يستلزم القول بالوثاقة؟، ثمّ إنه قد يقال أن الهدف منها هو بيان أن الراويين الولدين من الشيعة الإمامية بدواً وليسا من الزيدية ثم استبصرا، ولا يراد أكثر من ذلك، ويعضد هذا الإضافةُ الموجودةُ لهذا السند في بعض مصنّفات الصدوق بزيادة: من أبويهما ، يقول صاحب الذريعة: "والذي يخطر بالبال في منشأ حدوث هذه الزيادة هو أن المفسر الراوي للصدوق عن الولدين قد وصفهما بعد ذكر اسمهما بقوله: كانا من الشيعة الإمامية من أبويهما، أو مع أبويهما، أو عن أبويهما توصيفاً لهما بالتشيع ولادة ثم ذكر قوله قالا حدثنا الإمام عليه السلام يعني قال الولدان، فكان مراد المفسر بيان أنهما ولدا على التشيع ولم يكن تشيعهما باستبصارهما بل اتخذا التشيع عن أبويهما وفهم الصدوق مراده وحدث عنه كما سمعه منه وفيها: هذا جيد لو لم يكونا هما من نقل هذه القصّة، إذ لا يصح الاعتماد على مدح في رواية ينقلها الراوي في حقّ نفسه.


والخلاصة: بهذا المقدار من الأدلّة لا يمكننا تحصيل وثاقة جميع من ذكر في سند التفسير إلى الإمام عليه السلام ، مع بقاء احتمال الوثاقة مفتوحاً؛ حيث لا يوجد ما يعارضه، وحينئذ لو وجدت قرائن أخرى تضم إلى الموجود وتُكمل النقص فيه يمكن تحصيل تماميّة السند. واتضح أيضاً أن خلاصتنا هذه لا تسوّغ القول بكون التفسير موضوعاً. توجد بعض الملاحظات المثيرة في النقل المتقدّم عن الخلاصة -الذي هو بالأصل عبارة ابن الغضائري-، وهي بالإضافة لما تقدّم:. تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما المقدّمة الأولى: اللجوء إلى ما سبق نقله عن ابن شهر آشوب عن الحسن بن خالد البرقي: "أخو محمد بن خالد من كتبه: تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام مائة وعشرون مجلده" 28 ، وسنده تام كما يشير إليه السيد الخوئي قدّس سرّه : "أما لو أُريد به هو الّذي ذكره محمّد بن علي بن شهرآشوب على ما نقله في المستدرك فالسند إليه صحيح لأنه ذكر الحسن بن الخالد البرقي أخو محمد بن خالد من كتبه تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام والحسن بن خالد ممن وثقه النجاشي، وللمشايخ إليه طرق صحيحة" المقدّمة الثانية: أن تفسير الإمام العسكري عليه السلام الواصل إلينا -وهو مجلد واحد- هو جزء من ذاك الكبير الذي ذكره ابن شهرآشوب: " ومن الحيثيّة الثانية بأنّ الظاهر كون التفسير الموجود جزءاً من ذلك التفسير الكبير لا مغايراً له، فإنّ ابن شهرآشوب الذي هو الأصل في النسبة إلى البرقي ينقل في مناقبه عن التفسير الموجود الذي رواه الأسترآبادي، فيظهر من ذلك عدم انحصار السند بالأسترآبادي" وتصبح النتيجة حينها: أنه بإمكاننا الاكتفاء بالطريق الذي يمر به البرقي إلى الإمام عليه السلام فهو تام وصحيح حتى ولو كان الطريق الآخر الذي فيه الأسترآبادي ضعيفاً.


ولهذه الحيثيّات خالف صاحب الذريعة أستاذه النوري في القول بوحدة التفسيرين، حيث قال: " والظاهر أن المراد من العسكري هذا هو الإمام الهادي عليه السلام الملقب بصاحب العسكر وبالعسكري أيضا لأنه ذكر أن هذا التفسير من كتب أبي علي الحسن بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي أخ أبي عبد الله محمد، وكذا الظاهر بحسب العادة عدم إدراك الحسن بن خالد هذا عصر الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام ، وذلك لأن أخاه محمد بن خالد كان سنة وفاة الإمام الكاظم عليه السلام في حدود العشرين سنة كي يصح عده من أصحابه فكان هو سنة وفاة الإمام الجواد عليه السلام في حدود الستين وفي أواخر عمره ولم يوفق للرواية عن الإمام الهادي عليه السلام ، وأما أخوه الحسن فلكونه أصغر منه بسنتين أو أزيد فإنما يمكن بقاؤه بعده عادة إلى عشر سنين أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو ما يقارب الخمس والثلاثين سنة، وهي سنة وفاة الإمام الهادي عليه السلام ، وأما بقاؤه بعد ذلك وإدراكه لعصر الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام ففي غاية البعد ولا سيما كتابته بعد هذا العمر الطويل مائة وعشرين مجلدا فيما يقارب السبع سنوات مما أملاه عليه السلام ، وكما أن الظاهر أنه لم يبق من كافة مجلداته المذكورة عين ولا أثر وأما الذي نقل عنه ابن شهرآشوب في عدة مواضع من مناقبه فقد صرح بأنه منقول من تفسير أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام الآتي ذكره والمطبوع مكرراً، وعين ما نقله عنه موجود في هذا التفسير المطبوع، وليس فيه إشارة إلى رواية الحسن بن خالد البرقي ولا إيماء بكونه مشاركاً معهما في السماع عن الإمام مع ما عرفت من بعد احتمال بقاء الحسن بن خالد إلى هذا المقدار من العمر الطويل حتى يشاركهما في السماع عنه عليه السلام ، فما جزم به شيخنا في خاتمة المستدرك في ص من كون التفسير الموجود المطبوع من أجزاء هذا التفسير الكبير ثم رده على المحقق الداماد في ظن التعدد بأنه مما لا يلتزم به أحد لا نرى له وجهاً؛ إذ لا مانع من التعدد حتى لا يلتزم به أحد، بل الظاهر تعدد التفسيرين ومخالفتهما كماً وكيفاً بتغاير المملي والمملى عليه والراوي لكل منهما" ربما حاول البعض تجاوز مشكلة سند التفسير، ولكنه وقع في مسألة لا تقل عنها أهميّة، وهي احتواء التفسير على بعض المعاجز والكرامات التي انفرد بذكرها، واشتماله على قصص طويلة وغريبة، وبعضها فيه مخالفة لما هو موجود في كتب السيرة والتاريخ، وقد يشم منه رائحة مخالفة بعض الأصول العقائديّة.


ومن هذا الباب قال السيد الخوئي قدّس سرّه : "هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، وجلّ مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالإمام عليه السلام " أي : يَا مُحمَّد ، هَذا الكِتَاب الَّذي نزَّلنَاهُ عَليكَ هُوَ الحُروفُ المقطَّعَة التي منها أَلِف ، لام ، مِيم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم ، فأْتُوا بِمِثْلِهِ إنْ كُنتُم صَادِقِين ، واسْتَعينُوا عَلَى ذَلِكَ بِسَائِرِ شُهَدَائِكُم. ثُمَّ بيَّن أنَّهُم لا يَقدرُونَ عَلَيه بِقَولِهِ : قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا الإسراء : كان أهل الشغب والجدل يلقون حِبالَ الشَكِّ في طريق المسلمين ، فيقولون : إنَّكم تقولون في صلواتكم : اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ الفاتحة : 5 ، أو لستُم فِيه ؟! فما معنى هذه الدعوة ؟! أو إنكم متنكِّبون عنه ، فتدعون ليهديكم إليه ؟! ففسَّر الإمام العسكري عليه السلام الآية قاطعاً لِشَغَبِهِم ، فقال عليه السلام : أَدِمْ لَنَا تَوفِيقَكَ الَّذي بِهِ أطَعْنَاكَ فِي مَاضِي أيَّامِنا ، حَتَّى نُطِيعَكَ كَذَلِكَ فِي مُسْتَقبَلِ أعْمَالِنَا.


ثُمَّ فسَّر الإمام عليه السلام الصراط بقوله : الصِّراطَ المُستَقِيم هو صِراطان : صراطٌ في الدُّنيا ، وصراطٌ في الآخِرَة ، أمَّا الأوَّل فَهو مَا قَصُر عَنْ الغُلُوِّ ، وارتَفَع عَن التَّقصيرِ ، واستقامَ فَلَمْ يَعْدِلْ إلى شَيءٍ مِنَ البَاطِلِ. وأمَّا الطَّرِيقُ الآخَرِ فَهوَ طَرِيقُ المُؤمِنِينَ إلى الجَنَّة ، الَّذي هُو مُستَقِيم ، لا يَعدِلُونَ عَن الجَنَّةِ إلَى النَّارِ ، وَلا إلى غَيرِ النَّارِ سِوَى الجَنَّة. فعجبت من قوله فقلت : ما علامة ذلك ؟ فقال : إيتني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض ، قالت أم سليم : لقد نظرت إليه وقد وضعها بين كفيه ، فجعلها كهيئة السحيق من الدقيق ، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ، فختمها بخاتمه فثبت النقش فيها ، ثم دفعها إليَّ وقال لي : أنظري فيها يا أم سليم فهل ترين فيها شيئاً ؟ قالت أم سليم : فنظرت فإذا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وعليٌّ والحسن والحسين وتسعة أئمة صلوات الله عليهم أوصياء من ولد الحسين عليه السلام ، قد تواطأت أسماؤهم إلا اثنين منهم أحدهما جعفر والآخر موسى ، وهكذا قرأت في الإنجيل فعجبت ثم قلت في نفسي : قد أعطاني الله الدلائل ولم يعطها من كان قبلي ، فقلت يا سيدي أعد على علاةً أخرى!


قالت : فتبسم وهو قاعد ثم قام فمد يده اليمنى إلى السماء ، فوالله لكأنها عمود من نار تخرق الهواء حتى توارى عن عيني ، وهو قائم لا يعبأ بذلك ولا يتحفز ، فأسقطت وصعقت فما أفقت إلا به ، ورأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري ، فقلت في نفسي : ماذا أقول له بعد هذا ؟ 96 وقمت وأنا والله أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الآس ، وهي والله عندي لم تذو ولم تذبل ولا تنقص من ريحها شئ ، وأوصيت أهلي أن يضعوها في كفني. فقلت : يا سيدي من وصيك ؟ قال : من فعل مثل فعلى ، قالت : فعشت إلى أيام علي بن الحسين عليه السلام. قال زرّ بن حبيش خاصة دون غيره : وحدثني جماعة من التابعين سمعوا هذا الكلام من تمام حديثها ، منهم مينا مولى عبد الله بن عوف وسعيد بن جبير مولى بني أسد ، سمعاها تقول هذا ، وحدثني سعيد بن المسيب المخزومي ببعضه عنها.


قالت : فجئت إلى علي بن الحسين عليه السلام وهو في منزله قائماً يصلي ، وكان يطول فيها ولا يتحوز فيها ، وكان يصلي ألف ركعة في اليوم والليلة ، فجلست ملياً فلم ينصرف من صلاته ، فأردت القيام فلما هممت به حانت مني التفاتة إلى خاتم في إصبعه : عليه فص حبشي ، فإذا هو مكتوب مكانك يا أم سليم أنبأك بما جئتني له. قالت : فأسرع في صلاته فلما سلم قال لي : يا أم سليم أنبؤك بما جئتني له إيتني بحصاة ، من غير أن أسأله عما جئت له ، فدفعت إليه حصاة من الأرض فأخذها فجعلها بين كفيه فجعلها كهيئة الدقيق السحيق ، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ، ثم ختمها فثبت فيها النقش ، فنظرت والله إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين عليه السلام فقلت له : فمن وصيك جعلني الله فداك ؟ قال : الذي يفعل مثل ما فعلت ولا تدركين 97 من بعدي مثلي. قالت أم سليم : فنسيت أن أسأله أن يفعل مثلما كان قبلة من رسول الله وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم. فلما خرجت من البيت ومشيت شوطاً ناداني : يا أم سليم ، قلت : لبيك ، قال : إرجعي ، فرجعت فإذا هو واقف في صرحة داره وسطاً ، ثم مشى فدخل البيت وهو يتبسم ، ثم قال : اليَّ يا أم سليم ، فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور والحيطان وسكك المدينة ، وغابت يده عني ، ثم قال : خذي يا أم سليم ، فناولني والله كيساً فيه دنانير وقرطان من ذهب وفصوص كانت لي من جَزْع ، في حُقٍّ لي كانت في منزلي ، فقلت يا سيدي أما الحُق فأعرفه ، وأما ما فيه فلا أدري ما فيه غير أني أجده ثقيلاً!


قال : خذيها وامض لسبيلك. قالت : فخرجت من عنده فدخلت منزلي وقصدت نحو الحق فلم أجد الحق في موضعه ، فإذ الحق حقي ، قالت : فعرفتهم حق معرفتهم بالبصيرة والهداية فيهم من ذلك اليوم ، والحمد لله رب العالمين. قال الشيخ أبو عبد الله : سألت أبا بكر محمد بن عمر الجعابي ، عن هذه أم سليم ، وقرأت عليه إسناد الحديث للعامة ، واستحسن طريقها وطرىق أصحابنا فيه ، فما عرفت أبا صالح الطرطوسي القاضي فقال : كان ثقة عدلاً حافظاً ، وأما أم سليم فهي امرأة من النمر بن قاسط ، معروفة من النساء اللاتي روين عن رسول الله صلى الله عليه وآله. قال : وليست أم سليم الأنصارية أم أنس ابن مالك ، ولا أم سليم الدوسية ، فإنها لها صحبة ورواية ، ولا 98 أم سليم الخافضة التي كانت تخفض الجواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولا أم سليم الثقفية وهي بنت مسعود أخت عروة بن مسعود الثقفي ، فإنها أسلمت وحسن إسلامها ، وروت الحديث.


كفى بالحديث المتقدم دليلاً على إمامة أئمة العترة الاثني عشر عليهم السلام. ويظهر من ألفاظه أن بعضهم طبع على نفس الحصاة ، وبعضهم أخذ حصاة أخرى وطبع عليها ، فظهر عليها خاتمه وخاتم من قبله من المعصومين عليهم السلام. كما أن الإمام زين العابدين عليه السلام أعطى أم سليم جواهر ودنانير ، وأحضر حُقها أي صندوقها الذي تضع فيه حليها ، وأعطاها إياه وكان وزنه أثقل. قال عليه السلام : ولمَ يا يونس وهو يتبسم عليه السلام. قال قال يونس : ابن بغا : وجه إليَّ بفصٍّ ليس له قيمة ، أقبلت أنقشه فكسرته باثنين وموعده غداً وهو موسى بن بغا ، إما ألف سوط ، أو القتل! قال عليه السلام : إمض إلى منزلك ، إلى غدٍ فَرَجٌ ، فما يكون إلا خيراً. فلما كان من الغد وافى بكرةً يَرْعُد فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص.


قال عليه السلام : 99 إمض إليه فما ترى إلا خيراً. قال : وما أقول له يا سيدي! قال : فمضى وعاد يضحك. قال : قال لي : يا سيدي! الجواري اختصموا فيمكنك أن تجعله فصين حتى نغنيك ؟ فقال سيدنا الإمام عليه السلام : اللهم لك الحمد ، إذ جعلتنا ممن يحمدك حقاً ، فأي شئ قلت له ؟ قال قلت له : أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعمله ؟ فقال : أصبت. قال : وإلى جانبي شاب ، قلت : من أين أنت ؟ قال : من المدينة. قلت : ما تصنع هاهنا ؟ قال : اختلفوا عندنا في أبي محمد عليه السلام فجئت لأراه وأسمع منه ، أو أرى منه دلالته ليسكن قلبي ، وإني من ولد أبي ذر الغفاري ، فبينا نحن كذلك إذ خرج أبو محمد عليه السلام مع خادم له ، فلما حاذانا نظر إلى الشاب الذي بجنبي فقال : أغفاري أنت ؟ قال : نعم.


قال : ما فعلت أمك حمدويه ؟ فقال : صالحة. فقلت للشاب : أكنت رأيته قط وعرفته بوجهه قبل اليوم ؟ قال : لا. قلت : فيقنعك هذا ؟ قال : وما دون هذا! الطبري المشهور منسوبٌ إلى طبرستان في شمال إيران ، وهو من مدينة آمل ، واسمه محمد بن جرير بن يزيد ، وهو مشتركٌ في اسمه واسم أبيه ومدينته مع عالمين شيعيين : محمد بن جرير بن رستم الطبري ، مؤلف المسترشد ، ومحمد بن جرير بن رستم الطبري ، مؤلف دلائل الإمامة. والطبري المشهور سنيٌّ لكن لا يبعد أنه تسنن بعد أن سكن في بغداد ، فقد كانت طبرستان على مذهب الشيعة ، اشتهر منهم آل رستم ، وقامت في طبرستان دولة زيدية من سنة - هجرية. وقصده الحنابلة فسألوه عن أحمد بن حنبل في الجامع يوم الجمعة ، وعن حديث الجلوس على العرش فقال أبو جعفر : أما أحمد بن حنبل فلا يُعَدُّ خلافُه. فقالوا له : فقد ذكره العلماء في الاختلاف فقال : ما رأيته رويَ عنه ، ولا رأيت له أصحاباً يُعَوَّلُ عليهم. وقيل كانت ألوفاً ، فقام أبو جعفر بنفسه ودخل داره فرموا داره بالحجارة حتى صارت على بابه كالتل العظيم!


ولم يزل في ذكره إلى أن مات! ولم يخرج كتابه في الاختلاف حتى مات ، فوجدوه مدفوناً في التراب فأخرجوه ونسخوه ، أعني اختلاف الفقهاء ، هكذا سمعت من جماعة ، منهم أبي رحمه الله! لكن موجة الحنابلة انحسرت فألف الطبري كتابه ضدهم وسماه : الرد على الحرقوصية! فنسبهم إلى حرقوص إمام الخوارج ، لأن ابن حنبل من ذريته! فقال لي : إذا اشتهيت أن تراه فانظر إلى شجرة دارك بسر من رأى! وكان قد أخرج في داره عيناً تنبع عسلاً ولبناً ، فكنا نشرب منه ونتزود! قال أبو جعفر : دخل على الحسن بن علي عليه السلام قوم من سواد العراق يشكون قلة الأمطار ، فكتب لهم كتاباً فأمطروا ، ثم جاءوا يشكون كثرته فختم في الأرض ، فأمسك المطر! قال أبو جعفر : قلت للحسن بن علي أرني معجزة خصوصية أحدث بها عنك ، فقال : يا ابن جريرلعلك ترتد! فحلفت له ثلاثاً ، فرأيته غاب في الأرض تحت مصلاه ، ثم رجع ومعه حوت عظيم فقال : جئتك به من الأبحر السبعة ، فأخذته معي إلى مدينة السلام ، وأطعمت منه جماعة من أصحابنا! قال أبو جعفر : ورأيت الحسن بن علي السراج عليه السلام يمر بأسواق سر من رأى ، فما مر ببابٍ مقفلٍ إلا انفتح ، ولا دارٍ إلا انفتحت ، وكان ينبؤنا بما نعمله بالليل سراً وجهراً!


قال أبو جعفر : أردتُ التزويج والتمتع بالعراق ، فأتيتُ الحسن بن علي السراج عليه السلام فقال لي : يا ابن جرير ، عزمت أن تتمتع فتمتع بجارية ناصبة معقبة تفيدك مائة دينار. فقلت : لا أريدها. فقال : قد قضيت لك بها ، فأتيت بغداد وتزوجت بها فأعقبتُ ، وأخذت منها مالاً ثم رجعت فقال : يا ابن جرير ، كيف رأيت آيةالإمام. خلاصة هذه المعجزات : تكليم الإمام عليه السلام للذئب. وأن الإمام عليه السلام جعل الطبري يرى أخاه وهو بعيد عنه ، واستخرج عيناً تنبع عسلاً ولبناً وأرسل رسالة إلى أهل السواد فمطروا ، ثم أوقف المطر بختم الأرض. وأنه أخبر عن جارية الطبري فكانت كما قال!


من المستبعد أن يكون ابن جرير هذا هو الطبري المشهور ، وإن كان ذلك ممكناً لأن الطبري ولد سنة ، وأكثر من الترحال في طلب العلم حتى استقر في بغداد. لكن لا يوجد مؤيد قوي لهذا الاحتمال ، فلا بد أن يكون أحد الطبريين الشيعيين. نلاحظ أنه روى المعجزة الأولى عن : عبد الله بن محمد ، وروى البقية عن الإمام عليه السلام مباشرة. وقد ضعفوه ، واتهموه. فلما كان في ذلك اليوم زاد الرجل في الكلام وألح ، فسار حتى انتهى إلى مفرق الطريقين ، وضاق على الرجل أخذهما من كثرة الدواب ، فعدل إلى طريق يخرج منه ويلقاه فيه. فدعا عليه السلام بعض خدمه وقال له : إمض فكفن هذا. فتبعه الخادم فلما انتهى عليه السلام إلى السوق ونحن معه ، خرج الرجل من الدرب ليعارضه فكان في الموضع بغل واقف ، فضربه البغل فقتله! ووقف الغلام فكفنه كما أمره ، وسار عليه السلام وسرنا معه. أقول : معناه أن ذلك الشخص كان ينتظر الإمام عليه السلام حتى يركب ليذهب إلى الخليفة أو غيره ، فيرافقه ، ويتكلم بكلام ويتصرف تصرفات لا يرضى بها الإمام عليه السلام ، ولم تذكر الرواية نوع تصرفات وكلامه. ويظهر أن الإمام عليه السلام كان غاضباً منه ودعا عليه وعرف أنه استجيب له وأنه سيضربه بغل ويقتله ، فأرسل خادمه خلفه ليغطي جنازته!


قال أبو الأديان فقلت : يا سيدي فإذا كان ذلك فمن ؟ قال : من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي ، فقلت : زدني ، فقال : من يصلي علَّي فهو القائم بعدي ، فقلت : زدني ، فقال : من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي ، ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان. وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليه السلام فإذا أنا بالواعية في داره ، وإذا به على المغتسل ، وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار ، والشيعة من حوله يعزونه ويهنونه ، فقلت في نفسي : إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق قصر ومحل للقمار ويلعب بالطنبور ، فتقدمت فعزيت وهنيت ، فلم يسألني عن شئ. ثم خرج عقيد فقال : يا سيدي قد كُفِّنَ أخوك فقم وصلِّ عليه ، فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة أي أبوه قتله المعتصم ولعله الأطروش فلما صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفناً ، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه ، فلما همَّ بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ برداء جعفر بن علي وقال : تأخر يا عم ، فأنا أحق بالصلاة على أبي ، فتأخر جعفر وقد ارْبَدَّ وجهه واصفرّ ، فتقدم الصبي وصلى عليه!


ودفن إلى جانب قبر أبيه عليهما السلام. ثم قال : يا بصري هات جوابات الكتب التي معك ، فدفعتها إليه فقلت في نفسي : هذه بينتان ، بقي الهميان ، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر ، فقال له حاجز الوشاء : يا سيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه ؟ فقال : والله ما رأيته قط ولا أعرفه. فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي عليهما السلام فعرفوا موته فقالوا : فمن نعزي ؟ فأشار الناس إلى جعفر بن علي فسلموا عليه وعَزَّوْهُ وهَنَّوْهُ وقالوا : إن معنا كتباً ومالاً ، فتقول ممن الكتب وكم المال ؟ فقام ينفض أثوابه ويقول : تريدون منا أن نعلم الغيب! قال : فخرج الخادم فقال : معكم كتب فلان وفلان وفلان ، وهميان فيه ألف دينار وعشرة دنانير منها مطلية ، فدفعوا إليه الكتب والمال وقالوا : الذي وجه بك لأخذ ذلك هو الإمام ، فدخل جعفر بن علي على المعتمد وكشف له ذلك ، فوجه المعتمد بخدمه فقبضوا على صقيل الجارية فطالبوها بالصبي فأنكرته ، وادعت حبلاً بها لتغطي حال الصبي ، فسُلِّمَت إلى ابن أبي الشوارب القاضي ، وبَغَتَهم موت عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأة ، وخروج صاحب الزنج بالبصرة ، فشغلوا بذلك عن الجارية ، فخرجت عن أيديهم ، والحمد لله رب العالمين.


سند الرواية علي بن محمد بن حباب أو خشاب ، عن أبي الأديان. ولم تذكرهما الكتب الخاصة بالرجال. لكن القرائن توجب الاطمئنان بروايته. وقد اختلف الناس في ولادته ، فمنهم من أظهر ، ومنهم من كتم ، ومنهم من نهى عن ذكر خبره ، ومنهم من أبدى ذكره والله أعلم به. أقول : ورواية ابن حباب عن هؤلاء الجماعة الكبار يدل على مستواه العالي. أما قوله إنه المهدي عليه السلام ولد سنة في أول شهر رمضان وأمه صقيل ، فهو خلاف المتفق عليه عند الشيعة ، وأنه ولد سنة في ليلة النصف من شعبان والظاهر أن هذه رواية التقية التي كانت سائدة لتضليل السلطة وتسكيتها. وروى عنه عمر بن شبة المعاصر له ، قال : وحدثنا علي بن محمد بن حباب بن موسى. وهو تصحيف. والنتيجة : أنه شيخ الصدوق رحمه الله وصفاته تؤشر على وثاقته. أما أبو الأديان ، فالقرائن على توثيقه أقوى ، لأن علو المتن ، ووعيه العقائدي وعقله الراجح كما تدل روايته ، يكفي لاطمئنان الإنسان بوثاقته.


واسم أبي الأديان مميز ، ولم أجد بهذا الاسم إلا أبا الأديان البغدادي ، وقد ترجم له الخطيب وابن عساكر ، وذكرا أنه شيخ الصوفية ، وأنه صاحب كرامات. وقد يكون من أولاد صاحبنا أبي الأديان السامرائي ، خاصة أن سامراء خربت بعد الإمام العسكري عليه السلام ونزح أكثر أهلها إلى بغداد. حدثنا عنه محمد بن أحمد بن إسحاق البزاز وكان ثقة ، سكن مكة وحدث بها. وذكر أنه توفي سنة كانت السلطة تعتقد أن أم الإمام المهدي عليه السلام هي صقيل جارية الإمام عليه السلام ويظهر من الأحاديث أنها أوثق جواري الإمام عليه السلام عنده ، وأنها كانت تطيع والدته رضي الله عنها ، وقد ادعت الحمل بأمرها لتسكيت السلطة عن البحث عن المهدي عليه السلام ، وعن مصادرة منزله.


وكذا يظهر أن غلامه النوبي المدعو عقيداً رحمه الله ، كان من أقرب الناس اليه ، وكان من خدام أبيه ، ومن تربيته هو عليهما السلام. في حديث أبي الأديان حقائق ودقائق عديدة عن علاقة الشيعة بالأئمة عليهم السلام ، وعن وضع الخلافة في سامراء ، ومكانة الإمام العسكري عليه السلام عند كبار القوم ، وعن ظهور الإمام المهدي عليه السلام وظهور معجزاته للناس في الفترات الحساسة وعن يقين السلطة بوجود ولد للإمام عليه السلام وعجزها عن القبض عليه. وتركنا المسير ، واستأجرنا بدسكرة الملك منزلاً وأخذنا ما حملنا إليه ، وأصبحنا والخبر شائع بالدسكرة بوفاة مولانا أبي محمد الحسن عليه السلام فقلنا لا إله إلا الله ، ترى الرسول الذي أتانا بالرسالة أشاع الخبر في الناس ، فلما تعالى النهار رأينا قوماً من الشيعة على أشد قلق لما نحن فيه فأخفينا أمر الرسالة ولم نظهره ، فلما جَنَّ علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزناً على سيدنا الحسن عليه السلام نبكي ونشكي إلى الله فقده ، فإذا نحن بيد قد دخلت علينا من الباب فضاءت كما يضئ المصباح ، وهي تقول : يا أحمد هذا التوقيع إعمل به وبما فيه ، فقمنا على أقدامنا وأخذنا التوقيع فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : من الحسن المسكين لله رب العالمين ، إلى شيعته المساكين : أما بعد ، فالحمد لله على ما نزل منه ، ونشكر إليكم جميل الصبر عليه ، وهوحسبنا في أنفسنا وفيكم ونعم الوكيل.


ردوا ما معكم ، ليس هذا أوان وصوله إلينا ، فإن هذا الطاغي قد دنت غشيته إلينا ، ولو شئنا ما ضركم ، وأمرنا يرد عليكم. ومعكم صرة فيها سبعة عشر ديناراً في خرقة حمراء ، إلى أيوب بن سليمان ، الآن فردوها ، فإنه حملها ممتحناً لنا بها بما فعله ، وهو ممن وقف عند جدي موسى بن جعفر عليه السلام فردوا صرته عليه ، ولا تخبروه! وكانت الإبل بغير قائد ولا سائق ، على وجه الأول منها بهذا الشرح ، وهو مثل الخط الذي بالتوقيع التي أوصلته إلى الدسكرة ، فحملنا ما عندنا واستودعناه وأطلقناهم. فلما كان من قابل خرجنا نريده عليه السلام فلما وصلنا إلى سامرا دخلنا عليه فقال لنا : يا أحمد ومحمد أدخلا من الباب الذي بجانب الدار ، وانظرا ما حملتماه على الإبل فلا تفقدا منه شيئاً. فدخلنا من الباب فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغير ، فحللناه كما أمرنا وعرضنا جمعه ، فما فقدنا منه شيئاً ، فوجدنا الصرة الحمراء والدنانير فيها بختمها ، وكنا قد رددناها على أيوب ، فقلنا : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقلنا : إنها من سيدنا فصاح بنا من مجلسه : فما لكما بدت لكما سوءاتكما!


فسمعنا الصوت فأتينا إليه فقال : من أيوب وقتَ وردت الصرة عليه فقبل الله إيمانه وقبل هديته فحمدنا الله وشكرناه على ذلك ، فكان هذا من دلائله عليه السلام ». ملاحظات وصل وفدٌ من قم إلى سامراء قر ب وفاة الإمام العسكري عليه السلام ، وكان وفد آخر في الطريق ، وهذا يدل على أهمية قم وأن أكثر الشيعة في إيران كانوا يراجعون وكلاء الأئمة عليهم السلام فيها ، ويرسلون بواسطتهم مسائلهم وحقوقهم. والإشكال الآخر : أنه بعد أن أرجعهم الإمام عليه السلام إلى قم ، وأرسل لهم إبلاً أخرى وحملوها الهدايا والحقوق وأوصلتها إلى الإمام عليه السلام ، كيف أبقاها سنة حتى جاؤوا ، قالت الرواية : فلما كان من قابل خرجنا نريده عليه السلام فلما وصلنا إلى سامرا.


فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغير. ومهما يكن ، فإن مقام الإمام عليه السلام ومعجزاته أبلغ من هذه وأكبر. وقد ذكرنا في سيرة الإمام الهادي عليه السلام موقفه مع حاكم بغداد ابن طاهر ، عندما أراد صلب رأس الثائر يحيى بن عمر العلوي. وآل طاهر أسرة قديمة تنتسب إلى أمراء الفرس الأولين ، نبغ منها في عهد بني العباس طاهر بن الحسين ، قاد جيش المأمون ودخل بغداد وقتل أخاه ووطد ملكه ، فولاه خراسان وأطلق يده فيها. ويظهر أن بني طاهر كانوا كالعباسيين يعتقدون بصدق النبي صلى الله عليه وآله ، فقد روى أبو الفرج أن محمد بن طاهر والي بغداد تشاءم من قتل يحيى بن عمر العلوي ، فأرسل عائلته إلى خراسان : « وأمر محمد بن عبد الله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان ، وقال : إن هذه الرؤس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة ، وزالت عنه الدولة ، فتجهزن للخروج »! وبالفعل جاءهم الشؤم في الصراعات بين خلفاء بني عباس ، وانتهت دولتهم بعد قتلهم يحيى فما انتعشوا بعد ذلك!


وقد روى أبو هاشم عدداً من معجزات الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، منها : فقال جعفر : واشطناه بأعلى صوته يعني جارية له ، فزجره أبو محمد وقال له : أسكت. وإنهم رأوا فيه أثر السكر! وكان المتولي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جُمحي يدعي أنه علوي ، فالتفت أبو محمد عليه السلام وقال : لولا أن فيكم من ليس منكم ، لأعلمتكم متى يفرج الله عنكم ، وأومأ إلى الجمحي فخرج ، فقال أبو محمد : هذا الرجل ليس منكم فاحذروه ، وإن في ثيابه قصة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه! فقام بعضهم ففتش ثيابه فوجد فيها القصة يذكرنا فيها بكل عظيمة ، ويعلمه على أنا نريد أن ننقب الحبس ونهرب!


ومنها : ما قال أبو هاشم : إن الحسن عليه السلام كان يصوم ، فإذا أفطرأكلنا معه مما كان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة ، وكنت أصوم معه ، فلما كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة وما شعر بي أحد ثم جئت وجلست معه فقال لغلامه : أطعم أبا هاشم شيئاً فإنه مفطر ، فتبسمت فقال : مايضحكك يا أبا هاشم ؟ إذا أردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة فيه. فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم عليكم السلام. فأكلت فقال : أفطر ثلاثاً فإن المنة القوة لا ترجع لمن أنهكه الصوم في أقل من ثلاث. فلما كان في اليوم الذي أراد الله أن يفرج عنا ، جاءه الغلام فقال : يا سيدي أحمل فطورك ؟ فقال : إحمل وما أحسبنا نأكل منه. فحمل طعام الظهر وأطلق عند العصر عنه وهو صائم فقال : كلوا هنأكم الله. فورد عليَّ بعد ذلك قادم معه سفاتج من حران ، وإذا ابن عمي قد مات في اليوم الذي رجع إليَّ أبو هاشم بجواب مولاي أبي محمد ، فاستغنيت وزال الفقر عني كما قال سيدي ، فأديت حق الله في مالي وبررت إخواني وتماسكت بعد ذلك ، وكنت رجلاً مبذراً ، كما أمرني أبو محمد عليه السلام.


فوقع بخطه عليه السلام : ذاك أقصر لعمره ، عُدَّ من يومك هذا خمسة أيام ، فإنه يقتل في يوم السادس بعد هوان واستخفاف وذل يلحقه! فكان كما قال عليه السلام. فنظر إليَّ شزراً وقال : تعالى الله الجبار العالم بالشئ قبل كونه ، الخالق إذ لا مخلوق ، والرب إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه. فقلت : أشهد أنك ولي الله وحجته ، والقائم بقسطه ، وأنك على منهاج أمير المؤمنين عليه السلام. فالتفت إليَّ فقال : يا أبا هاشم ، الله يقضيه. ثم انحنى على قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الأرض وقال : إنزل فخذ واكتم ، فنزلت فإذا سبيكة ذهب! قال : فوضعتها في خفي وسرنا ، فعرض لي الفكر فقلت : إن كان فيها تمام الدَّيْن وإلا فإني أرضي صاحبه بها ، ويجب أن ننظرالآن في وجه نفقة الشتاء وما نحتاج إليه فيه من كسوة وغيرها.


فالتفت إليَّ ثم انحنى ثانيةً وخط بسوطه خطةً في الأرض مثل الأولى ، ثم قال : إنزل ، فخذ واكتم ، قال : فنزلت وإذا سبيكة فضة ، فجعلتها في خفي الآخر وسرنا يسيراً ، ثم انصرف إلى منزله وانصرفت إلى منزلي ، فجلست فحسبت ذلك الدين ، وعرفت مبلغه ، ثم وزنت سبيكة الذهب ، فخرجت بقسط ذلك الدين ، ما زادت ولا نقصت! ثم نظرت فيما نحتاج إليه لشتوتي من كل وجه ، فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه على الإقتصاد ، بلا تقتير ولا إسراف ، ثم وزنت سبيكة الفضة فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت! حدثني أبو هاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمد عليه السلام ضيق الحبس وكتل القيد ، فكتب إلي أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك ، فأخرجت في وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال عليه السلام. وكنت مضيقاً فأردت أن أطلب منه دنانير في الكتاب فاستحييت ، فلما صرت إلى منزلي وجه إلي بمائة دينار وكتب إلي : إذا كانت لك حاجة فلا تستحِ ولا تحتشم واطلبها ، فإنك ترى ما تحب إن شاء الله.


قال : وأعطاني ثلاث مائة دينار وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه وقال : أما إنه سيقول لك : دلني على حريف يشتري لي بها متاعاً ، فدله عليه ، قال : فأتيته بالدنانير فقال لي : يا أبا هاشم دلني على حريف يشتري لي بها متاعاً ، فقلت : نعم. قال : وكلمني جَمَّالٌ أن أكلمه له يدخله في بعض أموره ، فدخلت عليه لأكلمه له فوجدته يأكل ومعه جماعة ولم يمكني كلامه ، فقال عليه السلام : يا أبا هاشم كل ووضع بين يدي ثم قال ابتداء منه من غير مسألة : يا غلام أنظر إلى الجمال الذي أتانا به أبو هاشم ، فضمه إليك! قال : ودخلت معه ذات يوم بستاناً فقلت له : جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين فادع الله لي ، فسكت ثم قال لي بعد ثلاثة أيام ابتداءً منه : يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين. قال أبو هاشم : فما شئ أبغض إليَّ منه اليوم. قال أبو هاشم : فقلت في نفسي : اللهم اجعلني في حزبك وفي زمرتك. فأقبل عليَّ أبو محمد عليه السلام فقال : أنت في حزبه وفي زمرته إن كنت بالله مؤمناً ، ولرسوله مصدقاً ، وبأوليائه عارفاً ، ولهم تابعاً ، فأبشر ، ثم أبشر. إياك بعدها أن تعود إلى مثلها ، وإذا سمعت لنا شاتماً فامض لسبيلك التي أمرت بها ، وإياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت ، فإننا ببلد سوء ومصر سوء!


وامض في طريقك فإن أخبارك وأحوالك ترد الينا ، فاعلم ذلك! معنى وَقَّاد الحمام : الخادم الذي يهئ حطب الحمام ويُحميه ، فقد كانت حماماتهم غرفة منفصلة عن مبنى البيت ، وكانوا يوقدون تحتها النار حتى تكون أرضها حارة ، مضافاً إلى حوض مائها. أرسل الإمام عليه السلام هذه الرسائل مع هذا الخادم إلى وكيله العمري ، ليرسلها إلى أصحابها في بلادهم. ومعناه أن رقابة الخليفة كانت شديدة على العمري ، ولم يكن يستطيع المجئ إلى بيت الإمام عليه السلام بحريته! لعل العَمْري أرسل الرسائل إلى الإمام عليه السلام في تلك العلبة التي تشبه رجل الباب لإخفائها عن رقابة الخليفة. ورِجْلُ الباب خشبة مدورة يغرز رأسها في عتبة الباب السفلى ، ومثلها في العليا ليدور عليها الباب عند فتحه وغلقه. متابعة الإمام لهذا الخادم يدل على أهمية تلك الرسائل ، وعلى الضرر الكبير لو انكشفت ووصلت أسماء أصحابها أو مضامينها إلى الخليفة. قول الإمام عليه السلام أو وكيله للخادم : وإياك أن تجاوب من يشتمنا ، أو تُعرفه من أنت ، فإننا ببلد سوء ومصر سوء ، وامض في طريقك. يدل على أن البلد يستعمل بمعنى المدينة ، والمصر بمعنى المنطقة والدولة.


وعلى أن سامراء ومحيطها كان سيئاً لا التزام عند أهله بقيم الدين ، ولا معرفة لهم بحق أهل البيت عليه السلام ، بل هم يتزلفون إلى السلطة. قوله عليه السلام : فإن أخبارك وأحوالك تَرِدُ الينا! يدل على أن الإمام عليه السلام يستطيع أن يراقب من يؤدي مهمته ، وهذه عقيدتنا في الأئمة المعصومين عليهم السلام. إذا أراد الإمام أن يعلم شيئاً أعلمه الله ذلك. قال : فنابتني نائبة فزعت منها ، فكتبت إليه : أهي هذه ؟ فكتب : لا ، أشد من هذه! فطلبت بسبب جعفر بن محمود ونودي عليَّ : من أصابني فله مائة ألف درهم. أقول : علي بن محمد بن زياد الصيمري ، من وجهاء الشيعة وشخصياتهم ، وكان صهر رئيس وزراء العباسيين. وربما يعبر عنه بعلي بن محمد الصيمري ، وفيه أيضاً أنه صهر جعفر بن محمود الوزير ، على ابنته أم أحمد وإنه كان رجلاً من وجوه الشيعة وثقاتهم ومقدماً في الكتابة والعلم والأدب والمعرفة ، فثبت توثيقه مضافاً إلى تجليله وتعظيمه وأنه من خدامهما عليهما السلام وقد أكثر من الترضي عليه.


وكان صهر جعفر بن محمود وزير المعتز والمهتدي ، وقد غضب عليه المعتز في صراعه مع الأتراك وعزله ، وغضب معه على صهره الصيمري ، وجعل جائزة لمن وجده مئة ألف درهم. ولهذا نبهه الإمام العسكري عليه السلام قبل الحادثة. وكان جعفر من كبار الشيعة. ثم إنه ولي الوزارة للمهتدي حين ولي الخلافة ، وأخذ له البيعة على الناس فوزر له مُدَيْدَةً ، ثم إن الهاشميين دخلوا على المهتدي وقالوا له إنه رافضي وإن أصحابه يكاتبون العلوية بخراسان بأخبار المملكة ، فنفاه إلى بغداد وحبسه. وفي جعفر يقول بعض الكُتاب :. فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلا مداد على ورق ، وجُعل في الكتب ، وبعثنا إليه ، فأجاب عن مسائلنا ، وكتب على ورقه اسمه واسم أبويه ، فدهش الرجل ، فلما أفاق اعتقد الحق. فقال له : جعلني الله فداك ، هذا ابن عمي عيسى بن الحسن وبه بياض في ذراعه كأمثال الجوز. قال : فقال لي : تقدم يا عيسى فتقدمت. قال فقال لي : أخرج ذراعك ، فأخرجت ذراعي فمسح عليها ، وتكلم بكلام خفي طوَّل فيه ، ثم قال في آخره ثلاث مرات : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم التفت إلى أحمد بن إسحاق فقال له : يا أحمد ، كان علي بن موسى عليهما السلام يقول : بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى الاسم الأعظم من بياض العين إلى سوادها.


ثم قال : يا عيسى ، قلت : لبيك. قال : أدخل يدك في كمك ثم أخرجها ، فأدخلتها ثم أخرجتها وليس في يدي قليل ولا كثير من ذلك البياض! اشتهر يعقوب بن إسحاق الكندي بلقب : فيلسوف العرب ، وقد ولد سنة ، وتوفي سنة وكان هو وإسحاق بن حنين ، وثابت بن قرة ، وقسطا بن لوقا البعلبكي ، وآخرون ، أول من أرسلهم المأمون إلى بلاد الروم ، فتعلموا لغتهم ، واشتروا الكتب ، وترجموا العديد منها ، وألفوا الكتب. وكانت لهم مكانة كبيرة عند المأمون ثم عند المعتصم ، ثم ضعفت في زمن المتوكل واضطهد الكندي بسبب سعاية حساده ، واتهمه بالتشيع وضربه! وقال المستشرق الفرنسي هنري كوربين : إن الكندي توفي في زمن الخليفة المعتمد في بغداد وحيدًا مهملاً عام ، أي قرب وفاة الإمام العسكري عليه السلام ، لكنه كان أكبر سناً من الإمام العسكري عليه السلام فقد عاش بضعاً وسبعين سنة ، بينما عاش الإمام عليه السلام تسعاً وعشرين سنة.


يقول عنه المستشرق الفرنسي كاردو افو : Cara de Vaux : الكندي واحد من الاثني عشر عبقرياً الذين ظهروا في العالم. أما الراهب والعالم الإنجليزي روجر بيكون : Roger Bacon فيقول عنه : الكندي والحسن بن الهيثم في الصف الأول مع بطليموس. فاضل دهره ، وواحد عصره ، في معرفة العلوم القديمة بأسرها ، ويسمى فيلسوف العرب. وكتبه في علوم مختلفة ، مثل المنطق والفلسفة والهندسة والحساب والأرثماطيقي والموسيقى والنجوم. أسماء كتبه الفلسفية : كتاب الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات. كتبه المنطقية : كتاب رسالته في المدخل المنطقي باستيفاء القول فيه. كتبه الحسابيات : كتاب رسالته في المدخل إلى الأرثماطيقي.


كتبه الكريات : كتاب رسالته في أن العالم وكلما فيه كرى الشكل. كتبه الموسيقيات : كتاب رسالته الكبرى في التأليف. كتبه النجوميات : كتاب رسالته في أن رؤية الهلال لا تضبط بالحقيقة. كتبه الهندسيات : كتاب رسالته في أغراض كتاب إقليدس. كتبه الفلكيات : كتاب في امتناع وجود مساحة الفلك الأقصى المدبر للأفلاك. كتبه الطبيات : كتاب رسالته في الطب البقراطي. كتبه الأحكاميات : تقدمة المعرفة بالاستدلال بالأشخاص العالية على المسائل. كتبه النفسيات : كتاب رسالته في أن النفس جوهر بسيط غير داثر. كتبه الإحداثيات : كتاب رسالته في الإبانة عن العلة الفاعلة القريبة. كتبه الأبعاديات : كتاب رسالته في أبعاد مسافات الأقاليم. كتبه التقدميات : كتاب رسالته في اسرار تقدمة المعرفة. كتبه الأنواعيات. كتاب رسالته في أنواع الجواهر الثمينة وغيرها. تلاميذ الكندي ووراقوه : حَسْنَوَيْه ، ونَفْطَويه. ومكن هذا لهما استهتار المتوكل بالآلات المتحركة أي ولعه بالميكانيك وتقدم إليهما في حفر النهر المعروف بالجعفري ، فأسندا أمره إلى أحمد بن كثير الفرغاني مهندس صديق لهما الذي عمل المقياس الجديد بمصر ، كانت معرفته أوفى من توفيقه لأنه ما تم له عمل قط!


فغلط في فوهة النهر المعروف بالجعفري ، وجعلها أخفض من سائره فصار ما يغمر الفوهة لايغمر سائر النهر ، فدافع محمد وأحمد ابنا موسى في أمره ، واقتضاهما المتوكل فسعى بهما إليه فيه فأنفذ مستحثاً في إحضار سند بن علي من مدينة السلام فوافى ، فلما تحقق محمد وأحمد ابنا موسى أن سند بن علي قد شخص ، أيقنا بالهلكة ويئسا من الحياة ، فدعا المتوكل بسند وقال : ما ترك هذان الرديان شيئاً من سوء القول إلا وقد ذكراك عندي به وقد أتلفا جملة من مالي في هذا النهر فأخرج إليه حتى تتأمله وتخبرني بالغلط فيه فإني قد آليت على نفسي إن كان الأمر على ما وصف لي ، إني أصلبهما على شاطئه! وكل هذا بعين محمد وأحمد ابني موسى وسمعهما! قال لهما : والله إنكما لتعلمان ما بيني وبين الكندي من العداوة والمباعدة ، ولكن الحق أولى ما أتبع أكان من الجميل ما أتيتماه إليه من أخذ كتبه! والله لا ذكرتكما بصالحة حتى تردَّا عليه كتبه! فتقدم محمد بن موسى في حمل الكتب إليه ، وأخذ خطه باستيفائها ، فوردت رقعة الكندي بتسلمها عن آخرها. فقال : قد وجب لكما عليَّ ذمام برد كتب هذا الرجل ، ولكما ذمام بالمعرفة التي لم ترعياها فيَّ والخطأ في هذا النهر يستتر أربعة أشهر بزيادة دجلة ، وقد أجمع الحساب على أن أمير المؤمنين لا يبلغ هذا المدى ، وأنا أخبره الساعة أنه لم يقع منكما خطأ في هذا النهر إبقاء على أرواحكما ، فإن صدق المنجمون أفلتنا الثلاثة ، وإن كذبوا وجازت مدته حتى تنقص دجلة وتنضب ، أوقع بنا ثلاثتنا!


فشكر محمد وأحمد هذا القول منه واسترقهما به ، ودخل على المتوكل فقال له : ما غلطا! وزادت دجلة وجرى الماء في النهر فاستتر حاله. وقتل المتوكل بعد شهرين ، وسلم محمد وأحمد بعد شدة الخوف مما توقعا. وأضاف ابن أبي أصيبعة : ومن كلام الكندي في وصيته : وليتق الله تعالى المتطبب ولا يخاطر ، فليس عن الأنفس عوض. وقال : وكما يجب أن يقال له أنه كان سبب عافية العليل وبرئه ، كذلك فليحذر أن يقال إنه كان سبب تلفه وموته. وقال : العاقل يظن أن فوق علمه علماً فهو أبداً يتواضع لتلك الزيادة. والجاهل يظن أنه قد تناهى فتمقته النفوس لذلك. ومن كلامه مما أوصى به لولده أبي العباس ، نقلت ذلك من كتاب المقدمات لابن بختويه ، قال الكندي : يا بني الأب رب ، والأخ فخ ، والعم غم ، والخال وبال ، والولد كمد ، والأقارب عقارب. وقول لا ، يصرف البلا ، وقول نعم يزيل النعم ، وسماع الغناء برسام حاد ، لأن الإنسان يسمع فيطرب وينفق فيسرف فيفتقر فيغتم فيعتل فيموت.


والدينار محموم فإن صرفته مات. والدرهم محبوس فإن أخرجته فر. وقال في قابلية الحروف العريبية للتفنن في كتابتها : لا أعلم كتابة تحتمل من تجليل حروفها وتدقيقها ، ما تحتمل الكتابة العربية ، ويمكن فيها من السرعة ما لا يمكن في غيرها من الكتابات. وخدم الملوك مباشرة بالأدب. وترجم من كتب الفلسفة الكثير وأوضح منها المشكل ، ولخص المنتصب العويص. وقد عد صاحب الفهرست تصانيف ابن إسحاق الكندي فكانت نحو من كتاباً. ووضع بعض المؤرخين لهذه الفصائل الأرقام الآتية : الفلسفة 22 كتاباً نجوم 19 فلك 16 جدل 17 أحداث 14 الكريات 8 فن الألحان 7 نفس 5 تقدمة المعرفة 5 حساب 11 هندسة 23 طب 22 سياسة 12 طبيعيات 33 منطق 9 أحكام 10 أبعاد 8. ثم ذكر السيد الأمين اضطهاد المتوكل للكندي بتحريك خصومه فقال : ومن أعداء الكندي العالمان العلمان محمد وأحمد ابنا موسى بن شاكر ، اللذان دسا للكندي عند المتوكل ، وساعدهما أولاً ما نسب إلى الكندي من الآراء الإعتزالية ، وثانياً حماقة المتوكل وتسرعه ، فضربه وأرسل إلى منزله من استولوا على كتبه ، ثم ردت إليه كل هذه الكتب بعد زمن كما ذكر ذلك ابن أبي أصيبعة في قصة طويلة.


ولكن فاته أن غضب المتوكل على الكندي كان لأجل اتهامه بالتشيع حيث أخبر أن الكندي تعلم من الإمام الحسن العسكري عليه السلام تفسير القرآن الكريم وأصول الإسلام. ومن الذين تأثروا بكتابة أعدائه المعاصرين له. وقال الدكتور فرانتز روزنتال : وكان الكندي على صواب عندما أظهر استياءه من العالم اليوناني الذي اعتمده عندما كان يصنف رسالة من رسائله في البصريات ، وذلك لأن هذا العالم اليوناني لم يراع الأساليب العلمية المعترف بها ، وقد أخرج الكندي رسائل قيمة في البصريات والمرئيات وله فيها مؤلف لعله من أروع ما كتب. وهو يلي كتاب الحسن بن الهيثم مادة وقيمة.


وقد انتشر هذا الكتاب في الشرق والغرب ، وكان له تأثير كبير على العقل الأوروبي ، كما تأثر به باكون وواتيلو. وللكندي رسالة بسبب زرقة السماء ، وتقول دائرة المعارف الاسلامية : إن هذه الرسالة قد ترجمت إلى اللاتينية ، وهي تبين أن اللون الأزرق لا يختص بالسماء ، بل هو مزيج من سواد السماء والأضواء الأخرى الناتجة عن ذرات الغبار ، وبخار الماء الموجود في الجو. يقول الكندي في كتابه إلى المعتصم في الفلسفة الأولى : ومن أوجب الحق ألا نذم من كان أحد أسباب منافعنا الصغار ، فكيف بالذين هم من أكبر أسباب منافعنا العظام الحقيقية الجدية ، فإنهم وإن قصروا عن بعض الحق ، فقد كانوا لنا أنسباء وشركاء فيما أفادونا من ثمار فكرهم التي صارت لنا سبلاً وآلات مؤدية إلى علم كثير. ثم قال السيد الأمين : والناظر في مؤلفات الكندي ، يرى أنه لم يخرج عن حد العقليات ، وليس من مؤلفاته شئ في الدين ، بل إنه اشتهر برأي خاص في واجب الوجود خالفه فيه المتشددون من أهل عصره ، وأخذوا عليه رأيه المذكور الذي أودعه رسالته في التوحيد ، قال البيهقي إنه قد جمع في بعض تصانيفه بين أصول الشرع وأصول المعقولات.


وذكره السيد ابن طاووس فقال : وقيل إنه من علماء الشيعة الشيخ الفاضل إسحاق بن يعقوب الكندي ، وزاد عليه صاحب الذريعة فقال : من علماء الشيعة العارفين. قال : وكان المتوكل أمر بضرب الكندي سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وكانت خمسين سوطاً فضرب ، وكان منسوباً إلى الزيدية. والزيدية من أصول الشيعة ، ينتسبون إلى زيد بن علي بن الحسين. أوكل إليه المأمون مهمة الإشراف على ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية إلى العربية في بيت الحكمة ، وقد عده ابن أبي أصيبعة مع حنين بن إسحاق وثابت بن قرة وابن الفرخان الطبري حذاق الترجمة المسلمين. في الرياضيات ، لعب الكندي دوراً هاماً في إدخال الأرقام الهندية إلى العالم الإسلامي والمسيحي باستخدام خبرته الرياضية والطبية ، وضع مقياساً يسمح للأطباء قياس فاعلية الدواء ، كما أجرى تجارب حول العلاج بالموسيقى. وعرف الكندي أيضاً بجمال خطه ، حتى أن المتوكل جعله خطاطه الخاص. وعندما خلف المعتصم أخيه المأمون ، عينه المعتصم مربياً لأبنائه.


كما اعتبره باحث عصر النهضة الإيطالي جيرولامو كاردانو واحداً من أعظم العقول الاثني عشر في العصور الوسطى. للكندي أكثر من ثلاثين أطروحة في الطب. أهم أعماله في هذا المجال هو كتاب رسالة في قدر منفعة صناعة الطب ، والذي أوضح فيه كيفية استخدام الرياضيات في الطب ، ولا سيما في مجال الصيدلة. على سبيل المثال : وضع الكندي مقياساً رياضياً لتحديد فعالية الدواء ، إضافة إلى نظام يعتمد على أطوار القمر ، يسمح للطبيب بتحديد الأيام الحرجة لمرض المريض. رجح الكندي نظرية إقليدس ، وتوصل إلى أن كل شئ في العالم. تنبعث منه أشعة في كل اتجاه ، وهي التي تملأ العالم كله. اعتمده ابن الهيثم وروجر بيكون ، وويتلو ، وغيرهم. كان الكندي رائدًا في تحليل الشفرات وعلم التعمية ، كما كان له الفضل في تطوير طريقة يمكن بواسطتها تحليل الاختلافات في وتيرة حدوث الحروف ، واستغلالها لفك الشفرات.


كان الكندي أول من وضع قواعد للموسيقى في العالم العربي والإسلامي ، فاقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود ، وقد وضع الكندي سُلَّماً موسيقياً ما زال يستخدم في الموسيقى العربية من اثنتي عشرة نغمة ، وتفوق على الموسيقيين اليونانيين في استخدام الثمن. كما أدرك أيضاً على التأثير العلاجي للموسيقى ، وحاول علاج صبي مشلول شللاً رباعياً بالموسيقى. قال الكندي إنه يعتقد أن الوحي هو مصدر المعرفة للعقل ، لأن مسائل الإيمان المسلم بها لا يمكن استيعابها! وكان يعتقد أن الكندي متأثر بفكر المعتزلة ، وذلك بسبب اهتمامه وإياهم بمسألة توحيد الله.



من أبرز الأمور المؤثرة في مقدار ودرجة الاعتماد على الروايات الحديثية التي ترتكز عليها جملة من العلوم كالفقه والعقائد والتفسير الخ هي معرفة المصدر والأصل الذي أخذت عنه، والطريق الموصل إليه، وخاصة إذا كانت الرواية دخيلة في تنقيح حكم شرعي أو تثبيت عقيدة ما، وما شابه ذلك من الموارد التي لا بد فيها من التوثّق والتثبّت. وهذا المصدر تارة يكون واضح النسبة، مشهوراً معروفاً يكفينا مؤنة التنقيب الزائد عن أحواله، ككتاب الكافي مثلاً، وتارة لا تصل شهرته إلى ذلك فنحتاج إلى مزيد بحث عمّا يرفع القناع عنه ويكشف عن حقيقته، كما هو الحال في كتاب التفسير المنسوب لمولانا الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، والذي تقع هذه الدراسة بصدده. هو تفسير يرويه محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، بإملاء من الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وذلك ضمن قصّة مدوّنة مذكورة مطلع التفسير، والموجود منه حالياً مجلّد واحد يتناول تفسير الفاتحة وبعض سورة البقرة، ويضم روايات تدخل في حقول متنوعّة، كما أن فيه طائفة من القصص والمعاجز الطويلة والغريبة، وهو موضع لعناية العلماء بالبحث والتدقيق رغم تباينهم واختلاف نظرهم حوله بأكثر من رأي.


هذا وينقل لنا ابن شهر آشوب عن الحسن بن خالد البرقي: "أخو محمد بن خالد من كتبه: تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام مائة وعشرون مجلد" 1 ، والظاهر أنه تفسير آخر بنفس الاسم -غير ما نحن بصدده- على ما اختاره صاحب الذريعة 2 ، ولم يصلنا منه شيء، وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى. تكمن أهميّة هذا التفسير من الناحيّة العلميّة في احتوائه العديد من الروايات المعينة في فهم بعض الدلالات القرآنية والتطبيقات عليها، والتي يمكن أن يستفاد منها -لو ثبت الاعتماد عليها- بعض الأحكام الشرعيّة، مثل تلك الرواية المشهورة: «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه» 3 ، حيث سيقت كواحدة من الأدلة التي قد يستنبط منها اشتراط العدالة في المقلَّد 4 ، كذلك الحال في مجال العقائد والكلام والتاريخ وغيره من العلوم. ورد في بداية هذا الكتاب قصّة تدوينه -وهي على لسان يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار- كالآتي: " فعجبنا من قوله ذلك لنا، مع أنا لم نشك في صدق مقاله.


فقلنا: فماذا تأمرنا أيها الإمام أن نصنع في طريقنا إلى أن ننتهي إلى بلد خرجنا من هناك، وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا، وطلب سلطان البلد لنا حثيث ووعيده إيانا شديد! فقال عليه السلام : «خلفا علي ولديكما هذين لأفيدهما العلم الذي يشرفهما الله تعالى به، ثم لا تحفلا بالسعاة، ولا بوعيد المسعى إليه، فإن الله عز وجل يقصم السعاة ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند من قد هربتم منه». قال أبو يعقوب وأبو الحسن: فأتمرا لما أمرا، و[قد] خرجا وخلفانا هناك، وكنا نختلف إليه، فيتلقانا ببر الآباء وذوي الأرحام الماسة. فقال لنا ذات يوم: «إذا أتاكما خبر كفاية الله عز وجل أبويكما وإخزائه أعداءهما وصدق وعدي إياهما، جعلت من شكر الله عز وجل أن أفيدكما تفسير القرآن مشتملا على بعض أخبار آل محمد صلّى الله عليه وآله فيعظم الله تعالى بذلك شأنكما». وأن العلوي نذر لله عزّ وجلّ أن لا يعرض للناس في مذاهبهم فقال الإمام عليه السلام : «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ». فلما كان اليوم العاشر جاءنا كتاب أبوينا: أن الداعي إلى الحق قد وفى لنا بجميع عداته، وأمرنا بملازمة الإمام العظيم البركة، الصادق الوعد.


فلما سمع الإمام عليه السلام [بهذا] قال: «هذا حين إنجازي ما وعدتكما من تفسير القرآن»، ثم قال عليه السلام : «[قد] وظفت لكما كل يوم شيئا منه تكتبانه، فألزماني وواظبا علي يوفر الله تعالى من السعادة حظوظكما». فأول ما أملى علينا أحاديث في فضل القرآن وأهله، ثم أملى علينا التفسير بعد ذلك، فكتبنا في مدة مقامنا عنده، وذلك سبع سنين، نكتب في كل يوم منه مقدار ما ننشط له تنتهي سلسلة أسانيد هذا التفسير إلى الأسترآباديين، أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبي الحسن علي بن محمد بن سيّار، وهما من الشيعة الإمامية، وقد وجد إليهما سندان:.


السند الأوّل: قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسني الجرجاني، عن السيد أبي جعفر مهتدي ابن حارث النجاشي المرعشي، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الشيخ الصدوق ، عن أبي الحسن محمد بن القاسم الأسترآبادي الخطيب، عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبي الحسن علي بن محمد بن سيار. السند الثاني: ما ذكره العلامة المجلسي عن بعض النسخ، وهو: قال محمد بن علي ابن محمد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما الله، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الشيخ الصدوق إلى آخر السند المتقدم 8.


الأول: عدم اعتبار الكتاب بأكمله، وهو موضوع، وأبرز القائلين به هو الغضائري ابن الغضائري والعلامة الحلي والمحقق الداماد 10 ومن المتأخرين السيد الخوئي قدّس سرّهم الثاني: اعتبار جميع ما في الكتاب، ومن أنصار هذا القول الشيخ الحر صاحب الوسائل 12 ، والمجلسيّان الأب والابن وصاحب المستدرك الثالث: التفصيل، فبعضه معتبر، وبعضه الآخر مردود، حاله حال سائر الكتب التي فيها المقبول وفيها غيره، ومن المتبنّين لهذا الرأي الشيخ الداوري حفظه الله لو نظرنا بشكل عابر للأدلة والمناقشات التي عرضها أصحاب كلّ رأي لتثبيت مختارهم حول التفسير لوجدنا أنها تتمحور تحت إطارين وسياقين، الأول هو من جهة طريق وسند التفسير إلى الإمام العسكري عليه السلام ، والثاني هو من حيث محتواه ومضمونه، وعليه ينبغي من أجل الخوض في غمار البحث وتقليب أدلّة القبول والرفض بدون تداخل وتشويش بين السياقين أن نتناول كل واحد منهما على حده. الشق الأول من كلا سندي التفسير -وتحديداً من بدايته إلى الشيخ الصدوق رحمه الله - لا توجد فيه مشكلة، لكن الكلام وقع فيمن يروي عنه الصدوق وهو محمد بن القاسم الأسترآبادي، والرجلَيْن الذَين ينقل عنهما وهما يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار.


أما بالنسبة لمحمد بن القاسم الأسترآبادي فقد قال عنه العلاّمة الحلي في الخلاصة عند ترجمته: "محمد بن القاسم وقيل ابن أبي القاسم المفسر الأسترآبادي روى عنه أبو جعفر ابن بابويه ضعيف كذاب روى عنه تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث عليه السلام والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديث من هذه المناكير" وهو عين ما ذكره ابن الغضائري 16 فالعلامة أخذه منه فإن قيل: "رواية الصدوق عنه كثيرا لا تدل على وثاقته، ولا سيما إذا كانت الكثرة في غير كتاب الفقيه، فإنه لم يلتزم بأن لا يروي إلا عن ثقة، نعم لا يبعد دعوى أن الصدوق كان معتمداً عليه لروايته عنه في الفقيه، المؤيّد بترضّيه وترحّمه عليه كثيراً، ولكن اعتماد الصدوق لا يكشف عن الوثاقة، ولعله كان من جهة أصالة العدالة" فإنه يقال: إن كثرة رواية الجليل عن شخص أمارة الوثاقة؛ إذ يعيب عليه كثرة النقل عن الضعيف 21 ، خاصة إذا اقترن نقله مع ما يظهر منه الاعتماد، ثم إن الترحم والترضي وخاصة الثاني لا يخلو من إشارة وتلويح على الوثاقة، ولا سيّما مع تكرار ذلك مراراً، ومن شخص عارف كالصدوق قدّس سرّه ، نعم قد يكون مجرّد الاستغفار أو بعض حالات الترحّم لا يدل عليها، إلا أن كثرة ذلك، وضمّه مع الترضّي -الذي هو مرتبة أعلى من الاستغفار والترحّم- يستشف منه الوثاقة.


يقول المحقق الداوري في هذا الشأن: "والتحقيق في المقام أن يقال: إن الدعاء بطلب المغفرة لا دلالة فيه على التوثيق، ولم يقل به أحد، ومحل الكلام هو الترحّم والترضّي. فأما الترحّم: فالظاهر أنه مورد اهتمام العرف، فلا يُترحّم على كل أحد وإن كان لا يفرق فيه بحسب اللغة، فكلّ شخص يمكن أن يُدعى له بالرحمة. وأما الترضّي: فهو في اللغة بمعنى الرضا، أي قبله الله وأراد ثوابه، وهو لا يطلق على كلّ أحد، فلا يقال لمن يتجاهر بالفسق مثلاً: رضي الله عنه ، وإنما يقال [لمن] كان في رتبة عالية من الجلالة والقداسة، كسلمان، وأبي ذر، والمقداد، وعمّار وأمثالهم، وعلى هذا تختلف العبائر باختلاف الحالات والمقامات. فالمرتبة الأولى، وهي: طلب الغفران، يفرض فيها العصيان والخطأ فيطلب الستر والتجاوز عن خطئه. والمرتبة الثانية، وهي: طلب الرحمة كالأولى مع زيادة التعطّف والرقّة. والمرتبة الثالثة، وهي: طلب الرضا، فالنظر فيها إلى الأعمال الصالحة فقط فيطلب الثواب والأجر عليها، فكأنما لا يرى له خطأ أو عصيان، ونظيره ما يقال عند ذكر الأجلاّء في عصرنا: «قدّس الله سرّه» أو «أعلى الله مقامه»، ولا إشكال في دلالته على الجلالة والعظمة فوق الوثاقة" وأما أصالة العدالة فهي مورد نظر وتوقف، والمدرك المدّعى لها مردود، وهي أشبه بالقول بعدالة الصحابة.


والخلاصة: أنه بإمكاننا تجاوز مشكلة السند من جهة الأسترآبادي، ولا أقل من كونه حسناً، وإن تنزّلنا وأغمضنا العين عن جميع ما ذكر فهو مجهول الحال وليس ضعيفاً كذّاباً كما نقل. وأما بالنسبة للرجلَيْن، وهما يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار فوصفهما ابن الغضائري والعلامة في الخلاصة -في الكلام المتقدّم- بالمجهولين، ولم يذكرا بمدح ولا ذمّ في كتب الرجال، ولكن وجدت محاولتان لتوثيقهما:. الأولى: نص الطبرسي في الاحتجاج -عندما ذكرهما-: "وكانا من الشيعة الإمامية" 23 ، وهذه العبارة مذكورة أيضاً في بداية تفسير العسكري عليه السلام عند ذكر السند 24 ، ومعها كيف يكونا مجهولَين؟ ويرد عليها: أن هذه العبارة لوحدها قاصرة عن إثبات وثاقتهما، وهل مجرّد الكون من الشيعة الإمامية يستلزم القول بالوثاقة؟، ثمّ إنه قد يقال أن الهدف منها هو بيان أن الراويين الولدين من الشيعة الإمامية بدواً وليسا من الزيدية ثم استبصرا، ولا يراد أكثر من ذلك، ويعضد هذا الإضافةُ الموجودةُ لهذا السند في بعض مصنّفات الصدوق بزيادة: من أبويهما ، يقول صاحب الذريعة: "والذي يخطر بالبال في منشأ حدوث هذه الزيادة هو أن المفسر الراوي للصدوق عن الولدين قد وصفهما بعد ذكر اسمهما بقوله: كانا من الشيعة الإمامية من أبويهما، أو مع أبويهما، أو عن أبويهما توصيفاً لهما بالتشيع ولادة ثم ذكر قوله قالا حدثنا الإمام عليه السلام يعني قال الولدان، فكان مراد المفسر بيان أنهما ولدا على التشيع ولم يكن تشيعهما باستبصارهما بل اتخذا التشيع عن أبويهما وفهم الصدوق مراده وحدث عنه كما سمعه منه وفيها: هذا جيد لو لم يكونا هما من نقل هذه القصّة، إذ لا يصح الاعتماد على مدح في رواية ينقلها الراوي في حقّ نفسه.


والخلاصة: بهذا المقدار من الأدلّة لا يمكننا تحصيل وثاقة جميع من ذكر في سند التفسير إلى الإمام عليه السلام ، مع بقاء احتمال الوثاقة مفتوحاً؛ حيث لا يوجد ما يعارضه، وحينئذ لو وجدت قرائن أخرى تضم إلى الموجود وتُكمل النقص فيه يمكن تحصيل تماميّة السند. واتضح أيضاً أن خلاصتنا هذه لا تسوّغ القول بكون التفسير موضوعاً. توجد بعض الملاحظات المثيرة في النقل المتقدّم عن الخلاصة -الذي هو بالأصل عبارة ابن الغضائري-، وهي بالإضافة لما تقدّم:. تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يعرف بيوسف بن محمد بن زياد والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما المقدّمة الأولى: اللجوء إلى ما سبق نقله عن ابن شهر آشوب عن الحسن بن خالد البرقي: "أخو محمد بن خالد من كتبه: تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام مائة وعشرون مجلده" 28 ، وسنده تام كما يشير إليه السيد الخوئي قدّس سرّه : "أما لو أُريد به هو الّذي ذكره محمّد بن علي بن شهرآشوب على ما نقله في المستدرك فالسند إليه صحيح لأنه ذكر الحسن بن الخالد البرقي أخو محمد بن خالد من كتبه تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام والحسن بن خالد ممن وثقه النجاشي، وللمشايخ إليه طرق صحيحة" المقدّمة الثانية: أن تفسير الإمام العسكري عليه السلام الواصل إلينا -وهو مجلد واحد- هو جزء من ذاك الكبير الذي ذكره ابن شهرآشوب: " ومن الحيثيّة الثانية بأنّ الظاهر كون التفسير الموجود جزءاً من ذلك التفسير الكبير لا مغايراً له، فإنّ ابن شهرآشوب الذي هو الأصل في النسبة إلى البرقي ينقل في مناقبه عن التفسير الموجود الذي رواه الأسترآبادي، فيظهر من ذلك عدم انحصار السند بالأسترآبادي" وتصبح النتيجة حينها: أنه بإمكاننا الاكتفاء بالطريق الذي يمر به البرقي إلى الإمام عليه السلام فهو تام وصحيح حتى ولو كان الطريق الآخر الذي فيه الأسترآبادي ضعيفاً.


ولهذه الحيثيّات خالف صاحب الذريعة أستاذه النوري في القول بوحدة التفسيرين، حيث قال: " والظاهر أن المراد من العسكري هذا هو الإمام الهادي عليه السلام الملقب بصاحب العسكر وبالعسكري أيضا لأنه ذكر أن هذا التفسير من كتب أبي علي الحسن بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي أخ أبي عبد الله محمد، وكذا الظاهر بحسب العادة عدم إدراك الحسن بن خالد هذا عصر الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام ، وذلك لأن أخاه محمد بن خالد كان سنة وفاة الإمام الكاظم عليه السلام في حدود العشرين سنة كي يصح عده من أصحابه فكان هو سنة وفاة الإمام الجواد عليه السلام في حدود الستين وفي أواخر عمره ولم يوفق للرواية عن الإمام الهادي عليه السلام ، وأما أخوه الحسن فلكونه أصغر منه بسنتين أو أزيد فإنما يمكن بقاؤه بعده عادة إلى عشر سنين أو عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو ما يقارب الخمس والثلاثين سنة، وهي سنة وفاة الإمام الهادي عليه السلام ، وأما بقاؤه بعد ذلك وإدراكه لعصر الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام ففي غاية البعد ولا سيما كتابته بعد هذا العمر الطويل مائة وعشرين مجلدا فيما يقارب السبع سنوات مما أملاه عليه السلام ، وكما أن الظاهر أنه لم يبق من كافة مجلداته المذكورة عين ولا أثر وأما الذي نقل عنه ابن شهرآشوب في عدة مواضع من مناقبه فقد صرح بأنه منقول من تفسير أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام الآتي ذكره والمطبوع مكرراً، وعين ما نقله عنه موجود في هذا التفسير المطبوع، وليس فيه إشارة إلى رواية الحسن بن خالد البرقي ولا إيماء بكونه مشاركاً معهما في السماع عن الإمام مع ما عرفت من بعد احتمال بقاء الحسن بن خالد إلى هذا المقدار من العمر الطويل حتى يشاركهما في السماع عنه عليه السلام ، فما جزم به شيخنا في خاتمة المستدرك في ص من كون التفسير الموجود المطبوع من أجزاء هذا التفسير الكبير ثم رده على المحقق الداماد في ظن التعدد بأنه مما لا يلتزم به أحد لا نرى له وجهاً؛ إذ لا مانع من التعدد حتى لا يلتزم به أحد، بل الظاهر تعدد التفسيرين ومخالفتهما كماً وكيفاً بتغاير المملي والمملى عليه والراوي لكل منهما" ربما حاول البعض تجاوز مشكلة سند التفسير، ولكنه وقع في مسألة لا تقل عنها أهميّة، وهي احتواء التفسير على بعض المعاجز والكرامات التي انفرد بذكرها، واشتماله على قصص طويلة وغريبة، وبعضها فيه مخالفة لما هو موجود في كتب السيرة والتاريخ، وقد يشم منه رائحة مخالفة بعض الأصول العقائديّة.


ومن هذا الباب قال السيد الخوئي قدّس سرّه : "هذا مع أن الناظر في هذا التفسير لا يشك في أنه موضوع، وجلّ مقام عالم محقق أن يكتب مثل هذا التفسير، فكيف بالإمام عليه السلام " ومن أمثلة ذلك: قصّة المختار مع الحجّاج 33 مع أن الثابت تاريخياً مقتله قبل تولّي الحجّاج بسنوات أولاً: إنفراد هذا التفسير بذكر أمور لا يوجب وهن ما فيه، خاصة إذا لم تخالف الضرورات العقلية والدينية، وإذا سجّلت مخالفة أو اثنتين أو ثلاث مما هو قليل لا يعني تسرية الحكم إلى جميع الكتاب، وأغلب ما فسّر على أنه مخالف لأصول العقائد فيه قابل للتأويل، أو كانت مخالفته مظنونة أو محتملة لا تصل إلى القطع، فلا يتعامل معها كما المقطوع بها. ثانياً: مخالفة بعض الروايات لما في التاريخ أمر رائج، وكثيراً ما يقع لعلّة وسبب قابل للتوجيه: "انه يمكن إرجاع جملة منها إلى اختلاف نسخ التفسير، ووقوع الاشتباه بذكر بعض الأسامي مكان بعض، والاختلاف في سنة الواقعة ونحو ذلك، مع ما نرى من وقوع الاشتباهات الكثيرة في الكتب التاريخية، فهل كانت في الأمة الإسلامية واقعة أعظم من ولادة النبي الأعظم عليه السّلام وارتحاله، ومع ذلك ترى اختلاف المسلمين فيهما، وترى وقوع الاختلاف في مواليد أئمة أهل البيت عليهم السّلام ووفياتهم ولم يقع اتفاق منهم إلا في بعض مواليدهم وارتحالاتهم وشهاداتهم فلاحظ.


وبالجملة عدم مطابقة ما في التفسير لما في الكتب التاريخية لا يوجب وهناً فيه مع إمكان توجيهها بنحو من الأنحاء وإلا ربما يوجب وهنا في كثير من أخبار كتب الكتب الحديثية المعتمدة كما لا يخفى على الخبير المتدرب" ثالثاً: ما أفاده المحدّث النوري قدّس سرّه : " وكيف يخفى على الصدوق-وهو رئيس المحدثين- مناكير هذا التفسير مع شدّة تجنّبه عنها، ومعرفته بها، وأنسه بكلامهم عليهم السلام ، وقربه بعصرهم عليهم السلام ، وعدّه من الكتب المعتمدة وولوعه في إخراج متون أحاديثه، وتفريقها في كتبه؟" رابعاً: ليس كل ما يذكر في كتب التاريخ والسير هو ثابت قطعي، أو لا أقل يورث الاطمئنان بصحّته بحيث يوجب طرح الروايات التي تعارضه، وهذه مشكلة واقعيّة ناجمة عن كثرة الاضطراب ودخالة الميول الشخصيّة وعدم الاعتماد على الوثائق من الطراز الأول في المدوّنات التاريخية المتداولة، يقول أحد الباحثين: "للوصول إلى الرواية التاريخية الصحيحة التي تورث الاطمئنان ويمكن اعتبارها مقياساً لرد الحديث هناك بعض الطرق:.


وذلك لأن المؤرخ يعتمد في تدوينه على نوعين من الوثائق:. ب- وثائق الدرجة الثانية: التي يقصد مؤلفوها شهادة التاريخ مثل معظم كتب التاريخ، ومثل هذه الوثائق تتأثر بكثير من الأسباب التي تقلّل من قيمتها التاريخية. وحينئذ لا يمكننا طرح مضمون حديث بمجرّد مخالفته لما في كتب التاريخ إذا كانت الرواية التاريخية غير مستجمعة للمقياس المطلوب وفاقدة للأهلية في الترجيح، ولربما كان الحديث أقوى اعتباراً فيصبح قرينة على ضعف الرواية التاريخية المعارضة له. بعد العرض المتقدّم نستطيع بيان الموقف النهائي من هذا الكتاب، وهو أن الحكم بكونه موضوعاً بأكمله دعوى مجانبة لما تم تقريبه آنفاً، وقد تمت مناقشة مدركها سنداً ومحتوىً. والقول باعتباره مطلقاً بدون قيد يتصادم سنداً مع عدم كفاية ما سيق لإثبات وثاقة الرجلين الناقلين للتفسير مباشرة عن الإمام عليه السلام ، ويتعارض محتوىً ومتناً مع بعض الثوابت العقائدية والتاريخية، حتى ولو قلنا بقلّة حصول ذلك. وعليه فيتعامل مع كل رواية منه بصورة مستقلّة، فإن أسعفت القرائن تتميم سندها ومضمونها معاً، أو تتميم سندها فقط -في حال تماميّة دلالتها من الأصل- عملنا بها، وإلا توقّفنا، هذا في مجال الاحتجاج بها والأخذ بمضمونها، أما في غير ذلك كما لو استفيد منها التأييد أو التقريب أو الاستحسان لمطلب فالباب إليها واسع.


يقول المحقق الداوري حفظه الله : " فالكتاب مثله مثل سائر الكتب، فإن كانت الرواية تامّة سنداً ودلالة أخذنا بها وإلا فلا" 38 ، ويقول صاحب فهرس التراث: "والتأمّل في التفسير يفيد أن حاله حال الروايات الأخرى، ولا بد من تمحيص كل حديث فيه بمفرده" يمتاز سند التفسير بقلّة الواسطة بين الشيخ الصدوق وبين الإمام عليه السلام ، فهو ينقله بواسطتين فقط، وهذه قيمة عظيمة تسهم في زيادة القرائن التي تصب في مصلحة القول بالاعتبار، وبالخصوص على مبنى الوثوق. والحمد لله رب العالمين. الرئيسية المواضيع القرآنية. دراسة حول التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه السلام الشيخ عبدالرؤوف حسن الربيع العدد تمهيـد من أبرز الأمور المؤثرة في مقدار ودرجة الاعتماد على الروايات الحديثية التي ترتكز عليها جملة من العلوم كالفقه والعقائد والتفسير نبذة عامة عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام هو تفسير يرويه محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، بإملاء من الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، وذلك ضمن قصّة مدوّنة مذكورة مطلع التفسير، والموجود منه حالياً مجلّد واحد يتناول تفسير الفاتحة وبعض سورة البقرة، ويضم روايات تدخل في حقول متنوعّة، كما أن فيه طائفة من القصص والمعاجز الطويلة والغريبة، وهو موضع لعناية العلماء بالبحث والتدقيق رغم تباينهم واختلاف نظرهم حوله بأكثر من رأي.


أهميّته العلميّة: تكمن أهميّة هذا التفسير من الناحيّة العلميّة في احتوائه العديد من الروايات المعينة في فهم بعض الدلالات القرآنية والتطبيقات عليها، والتي يمكن أن يستفاد منها -لو ثبت الاعتماد عليها- بعض الأحكام الشرعيّة، مثل تلك الرواية المشهورة: «فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه» 3 ، حيث سيقت كواحدة من الأدلة التي قد يستنبط منها اشتراط العدالة في المقلَّد 4 ، كذلك الحال في مجال العقائد والكلام والتاريخ وغيره من العلوم. قصّة كتابته: ورد في بداية هذا الكتاب قصّة تدوينه -وهي على لسان يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار- كالآتي: " الطريق إليه: تنتهي سلسلة أسانيد هذا التفسير إلى الأسترآباديين، أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبي الحسن علي بن محمد بن سيّار، وهما من الشيعة الإمامية، وقد وجد إليهما سندان: السند الأوّل: قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك الحسني الجرجاني، عن السيد أبي جعفر مهتدي ابن حارث النجاشي المرعشي، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي، عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الشيخ الصدوق ، عن أبي الحسن محمد بن القاسم الأسترآبادي الخطيب، عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبي الحسن علي بن محمد بن سيار.


آراء العلماء حوله: كثرت أقوال وكلمات الأعلام حول هذا التفسير، ويمكن بنحو عام إرجاعها إلى ثلاثة آراء 9 : الأول: عدم اعتبار الكتاب بأكمله، وهو موضوع، وأبرز القائلين به هو الغضائري ابن الغضائري والعلامة الحلي والمحقق الداماد 10 ومن المتأخرين السيد الخوئي قدّس سرّهم تفسير العسكري عليه السلام في بساط البحث لو نظرنا بشكل عابر للأدلة والمناقشات التي عرضها أصحاب كلّ رأي لتثبيت مختارهم حول التفسير لوجدنا أنها تتمحور تحت إطارين وسياقين، الأول هو من جهة طريق وسند التفسير إلى الإمام العسكري عليه السلام ، والثاني هو من حيث محتواه ومضمونه، وعليه ينبغي من أجل الخوض في غمار البحث وتقليب أدلّة القبول والرفض بدون تداخل وتشويش بين السياقين أن نتناول كل واحد منهما على حده.


أولاً: مناقشة سند التفسير الشق الأول من كلا سندي التفسير -وتحديداً من بدايته إلى الشيخ الصدوق رحمه الله - لا توجد فيه مشكلة، لكن الكلام وقع فيمن يروي عنه الصدوق وهو محمد بن القاسم الأسترآبادي، والرجلَيْن الذَين ينقل عنهما وهما يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار. ويرد عليه: 1- أن الكتب المعتمدة في معرفة أحوال الرجال كالأصول الأربعة الكشي والنجاشي وفهرست ورجال الشيخ لم تذكر عنه شيئاً لا من جهة التوثيق ولا التضعيف، ونسبة التضعيف مرجعها ابن الغضائري، والخلاصة مجرّد ناقل عنه، وكذلك من جاء بعدهما كالمحقّق الداماد، وتضعيفات ابن الغضائري محلّ نظر وتوقّف 18 ، بغضّ الطرف عن الوجه في عدم اعتبارها حيث ذكروا لذلك عدّة نظريّات الثانية: القصّة التي صُدّر بها التفسير الكاشفة عن عناية الإمام العسكري عليه السلام ومدحه لهما. وهذه الأمور توجب تحيّراً في مصداقيّة هذا النقل، ولربما به تحريف أو سقط محاولة أخرى للتغلّب على مشكلة السند: وهي تعتمد على مقدّمتين:- المقدّمة الأولى: اللجوء إلى ما سبق نقله عن ابن شهر آشوب عن الحسن بن خالد البرقي: "أخو محمد بن خالد من كتبه: تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام مائة وعشرون مجلده" 28 ، وسنده تام كما يشير إليه السيد الخوئي قدّس سرّه : "أما لو أُريد به هو الّذي ذكره محمّد بن علي بن شهرآشوب على ما نقله في المستدرك فالسند إليه صحيح لأنه ذكر الحسن بن الخالد البرقي أخو محمد بن خالد من كتبه تفسير العسكري من إملاء الإمام عليه السلام والحسن بن خالد ممن وثقه النجاشي، وللمشايخ إليه طرق صحيحة" يرد عليها: 1-لا يوجد في التفسير الذي نقله الابنان والمتداول عندنا أي نحو أو إشارة إلى أن ثمّة أحد شارك معهما السماع من الإمام عليه السلام ، بل القصّة التي ذكراها يلوح منها نوع اختصاص الإملاء بهما.


والخلاصة: أن هذه المحاولة غير تامة وتحتاج إلى مزيد تدعيم وبرهان. ثانياً: مناقشة محتوى ومضمون التفسير ربما حاول البعض تجاوز مشكلة سند التفسير، ولكنه وقع في مسألة لا تقل عنها أهميّة، وهي احتواء التفسير على بعض المعاجز والكرامات التي انفرد بذكرها، واشتماله على قصص طويلة وغريبة، وبعضها فيه مخالفة لما هو موجود في كتب السيرة والتاريخ، وقد يشم منه رائحة مخالفة بعض الأصول العقائديّة. إلا أنه أجيب عن ذلك بـ : أولاً: إنفراد هذا التفسير بذكر أمور لا يوجب وهن ما فيه، خاصة إذا لم تخالف الضرورات العقلية والدينية، وإذا سجّلت مخالفة أو اثنتين أو ثلاث مما هو قليل لا يعني تسرية الحكم إلى جميع الكتاب، وأغلب ما فسّر على أنه مخالف لأصول العقائد فيه قابل للتأويل، أو كانت مخالفته مظنونة أو محتملة لا تصل إلى القطع، فلا يتعامل معها كما المقطوع بها.


رابعاً: ليس كل ما يذكر في كتب التاريخ والسير هو ثابت قطعي، أو لا أقل يورث الاطمئنان بصحّته بحيث يوجب طرح الروايات التي تعارضه، وهذه مشكلة واقعيّة ناجمة عن كثرة الاضطراب ودخالة الميول الشخصيّة وعدم الاعتماد على الوثائق من الطراز الأول في المدوّنات التاريخية المتداولة، يقول أحد الباحثين: "للوصول إلى الرواية التاريخية الصحيحة التي تورث الاطمئنان ويمكن اعتبارها مقياساً لرد الحديث هناك بعض الطرق: 1- الاعتماد على وثائق تُعتبر من الطراز الأول في التدوين. وذلك لأن المؤرخ يعتمد في تدوينه على نوعين من الوثائق: أ- وثائق الدرجة الأولى: وهي الوثائق التي لم يقصد كاتبوها شهادة التاريخ، ومن هنا يأتي صدقها ولذلك يمكن اعتبار التاريخ مقياساً يورث الاطمئنان على صحة أو كذب الخبر" المحصّلة النهائيّة والحكم على التفسير بعد العرض المتقدّم نستطيع بيان الموقف النهائي من هذا الكتاب، وهو أن الحكم بكونه موضوعاً بأكمله دعوى مجانبة لما تم تقريبه آنفاً، وقد تمت مناقشة مدركها سنداً ومحتوىً.


م، ص احدث المقالات افتتاحية العدد محطات من سيرة أصحاب الحسين عليه السلام بأي روحية نعيش عاشوراء الحسين ع ؟



تفسير دلالات رؤية العسكري في المنام,الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام )

Webتفسير رؤية العسكر في المنام لابن سيرين: يقول ابن سيرين ان رؤية العسكر في المنام تشير الى خير كثير يناله الرائي. وتشير رؤية العسكر في المنام الى التغلب على الاعداء. ورؤية العسكر في المنام تشير الى حكمة الحالم ورزانة عقله وقوة شخصيته ورؤيته الصائبة. اما Webالكتاب: تفسير الإمام العسكري (ع) المؤلف: المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) الجزء: الوفاة: ٢٦٠ المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع) الطبعة: الأولى محققة Webتفسير الإمام العسكري (ع) نذكر عدَّة موارد لتفسير الإمام العسكري (عليه السلام) القرآنَ الكريم: المورد الأول: لقد شغلَتْ الحروفُ المقطَّعة بالَ المفسِّرين ، فضرَبوا يميناً وشمالاً ، وقد Webالكتاب: تفسير الإمام العسكري (ع) المؤلف: المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) الجزء: الوفاة: المجموعة: مصادر التفسير عند الشيعة تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع) الطبعة: الأولى محققة سنة الطبع: ربيع Webهو تفسير يرويه محمد بن القاسم المفسر الأسترآبادي، عن يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، بإملاء من الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وذلك ضمن قصّة مدوّنة مذكورة مطلع التفسير ... read more



قالت : فخرجت فرأيت سلمان يكنف علياً ويلوذ بعقوته ، دون من سواه من أسرة محمد صلى الله عليه وآله وصحابته ، على حداثة من 94 سنه ، فقلت في نفسي هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي صاحب الأوصياء وعنده من العلم ما لم يبلغني ، فيوشك أن يكون صاحبي ، فأتيت علياً فقلت : أنت وصيُّ محمد ؟ قال : نعم وما تريدين ؟ قلت له : وما علامة ذلك ؟ فقال : إيتيني بحصاة ، قالت : فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ، ثم فركها بيده ، فجعلها كسحيق الدقيق ، ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ، ثم ختمها فبدا النقش فيها للناظرين ، ثم مشى نحو بيته فاتبعته لأسئله عن الذي صنع رسول الله صلى الله عليه وآله ، فالتفت إليَّ ففعل مثل الذي فعله فقلت : من وصيك يا أبا الحسن ؟ فقال : من يفعل مثل هذا ، قالت أم سليم : فلقيت الحسن بن علي عليه السلام فقلت : أنت وصى أبيك ؟ هذا وأنا أعجب من صغره وسؤالي إياه ، مع أني كنت عرفت صفته الاثني عشر إماماً وأبوهم سيدهم وأفضلهم ، فوجدت ذلك في الكتب الأولى ، فقال لي : نعم أنا وصيُّ أبي. ثم قال : يا عيسى ، قلت : لبيك. وأن وظيفتها الدفاع عن الجسم ومقاومة الأجسام الغريبة ، ومعدلها في كل ملم مكعب. فنظر إليَّ شزراً وقال : تعالى الله الجبار العالم بالشئ قبل كونه ، الخالق إذ لا مخلوق ، والرب إذ لا مربوب ، والقادر قبل المقدور عليه. أنا عسكري في الجيش وحلمت ان رجلان يركبون الخيل وكانو يرتدو زي البدو اتو ليسألاني عن الطريق وعندما طلبت اوراقهم هاجموني باسلحة لكن قتلت الاول والثاني فر ثم اصبته بقدمه ماذا يعني هذا الحلم.



نفاق المنافقين الذين خالفوا بعد النبي صلى الله عليه وآله, تفسير الإمام العسكري. اناحلمت انوحماتي وزوجي بيطلبو مني اني أرمي بنفسي في بئر أمامي واني اترك لهم ورث فرديت عليهم اني ما عندي شي غير خمارة الصلاة ووصيتهم على ابني وبعدين رميت حالي واناحاسة بحرقة وانا نازلة لقاع البير لقيت حبل من فوق للأسفل شديتو وطلعت بعد ماهما شكو اني متتوصحيت على هيك. حديث تكلم الذراع المسمومة مع النبي صلى الله عليه وآله. سورة البقرة. وثار الأتراك على المهتدي فقتلوه ونصبوا المعتمد بن المتوكل ، فحكم ثلاثاً وعشرين سنة ، وفي سنته الخامسة قام بجريمة قتل الإمام العسكري عليه السلام. عزل الرسول صلى الله عليه وآله أبا بكر بأمر الله. قصة إسلام عبد الله تفسير الإمام العسكري سلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة