الاثنين، 20 مارس 2023

الاسرة في القران

الاسرة في القران

'+relatedpoststitle+',اقرأ أيضاً

Webآيات قرآنية عن الأسرة في الإسلام. ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا Webالأسرة في القرآن: - قبل أن نتلو الآيات الكريمة التي تصدَّت لأحكام الأسرة وتنظيم العلاقات بين آحادها، أو نشير إلى بعض تلك الآيات الكريمة، لا بُدَّ أن ننبه إلى أمرين: أولهما: ما ذكرناه آنفًا من أنَّ العبادات قد ذكرت في القرآن إجمالًا، وترك أمر بيانها للنبي WebMay 2,  · الأسرة في القرآن والسنة تتكوَّن الأسرةُ في الإسلام من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف الدعوات التخريبية الهدَّامة التي تجعل الأسرة القانونية من الجنس المتماثل: رجلًا ورجلًا، وامرأة WebJul 23,  · أهداف الأسرة في القرآن الكريم (مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس) مقاصد القرآن (3): تكوين الأسرة وإنصاف المرأة (مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري) الأسرة في القرآن والسنة (مقالة - مجتمع Webفالأسرة لها أهمية کبرى في حياة الفرد المجتمع ؛ لأجل ذلک ذکرها الله سبحانه وتعالى في عدة سور من القرآن الکريم ومن ضمن هذه السور ؛ سورة البقرة فسورة البقرة وردت فيها أحکام الاسرة ، ومن هذا المنطلق تطرقت لهذا البحث؛ فهذه السورة اشتملت على عدة أحکام ؛ ... read more




وقد جاء في الخطاب القرآني وصف الابن بالزكي، حيث جاء على لسان جبريل مخاطبا مريم P: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾ [مريم: 19]،فوصفُ الابن بالزكي له دلالته وخصوصيته؛ فكانت أنجع أضرب التزكية تلكم التي تكون منذ الصغر حتى يرتقي الإنسان في مدارج الإيمان بخلفية توحيدية ورؤية عمرانية تنمو مع مرور الأيام، فتخرج التزكية من الجانب النفسي الوجداني إلى الجانب الفعلي العملي، متعدية الفرد إلى المجتمع، فتكون التزكية بذلك فعلا إنمائيا وعملا بنائيا؛ يبني الإنسان وينمي الحضارات، ولا بناء للإنسان خارج مؤسسة الأسرة باعتبارها المحضن الأساس للتربية الصالحة، التي تكون نجاحا في الدنيا، وفلاحا في الآخرة، فهي سبب للارتقاء في الدرجات العلى، ودخول جنات عدن خالدين فيها أبدا ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى.


جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى﴾ [طه: ]. ونلحظ في أدعية الأنبياء الواردة في القرآن بخصوص الأبناء، أنها لا تقتصر على طلب «الذرية» وحسب، أي ذرية كيفما كانت، بل نجدهم يدعون الله سبحانه بأن يهبهم «ذرية صالحة» و«ذرية طيبة»، دون التشديد على عددها أو تعيين جنسها، وإنما أن تكون صالحة وطيبة وحسب؛ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يدعو ربه: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات]. وللصلاح دلالة قرآنية متميزة، تدل على الفعل والعمل؛ فهو ليس مفهوما سكونيا كما ترسخ عند كثيرين بحيث تكون صورة العبد الصالح في الأذهان لذلكم الرجل الزاهد المتفرغ للشعائر الذي لا يؤذي أحدا ولا يحرك ساكنا، وهي صورة تظل في أحسن أحوالها مثالية وأقل فاعلية، فضلا عن مخالفتها للمطلوب القرآني من الإنسان ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة]. لذلك فنحن إذا تأملنا معنى الصلاح في القرآن سنجده مفهوما حركيا، بحيث إن الإنسان الصالح يتغيى تحسين أوضاع المجتمع وجعل العالم مكانا أفضل للعيش..


وهذا زكريا عليه الصلاة والسلام يدعو ربه: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [آل عمران]، والطيب في اللغة نقيض الخبيث، ويقال الأرض الطيبة التي تصلح للنبات [46] ، ومعاني الإنبات تدل على معنى الإثمار، وقد جاء قريبا من هذا المعنى ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾[آل عمران : 37] ، فهذه إشارةٌ إلى أنّ الإنسان كالنبات، ولكي ينبث ويثمر يجب الاعتناء به من وقت أن كان بذرة بتعهّده، والاعتناء به في كل مراحل نموه، إلى أن يصبح شجرةً مثمرةً، فكذلك الطفل في عَمليّة التربية، فينبغي التّعامل معه من منطلق الرّعاية والعناية، وذلك بتعهده منذ طفولته ومتابعته في كل مراحل رشده إلى أن يصير إنسانا طيبا معمرا. فحين نتحدث عن ذرية طيبة فإننا نتحدث بالدرجة الأولى عن إنسان فاعل مثمر، إنسان مغير مصلح، يترك أثر إصلاحه وثمرة وجوده على الأرض لتدل عليه، فيكون كالنبات الحسن، أينما حل فهو يفيد..


ومن النماذج القرآنية للذرية الطيبة إسماعيل S باعتباره من خيرة الصالحين، رفع قواعد الإيمان مع أبيه إبراهيم R ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: ] فكان صلاح إسماعيل S عملا عمرانيا يتغيى الرفعة، وهي رفعة منطلقة من القاعدة تنظر إلى السماء.. وهذه الأوصاف «الصلاح» و«الطيبة» لا تتحقق دون جهد تزكوي تربوي من الآباء نحو الأبناء ابتداء حتى يكونوا زهرة الحياة الدنيا، وتقر بهم الأعين انتهاء، فيتحقق الامتداد الأبوي المنشود، ولا امتداد زمنيا دون صلاح إنساني يتعدى الإنسان نفسه إلى مجتمعه، ويتأكد هذا المعنى بما جاء في الحديث النبوي: « إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم يُنْتفَع به ، أو ولد صالح يدعو له » [47] ، فاقتران الولد بالصلاح هنا متمم ومؤكد لما ورد في الكتاب المجيد. ومنه، فإن الفعل التزكوي هو الذي يرقى بالإنسان، كما يرقى بمؤسسة الأسرة بكل تشعباتها وامتداداتها، فتعود على قيم البنوة والأخوة وغيرها بالصلاح والفلاح، فتصير كالشجرة المثمرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.


ومن ثمّ؛ فإن وجود الإنسان حقّا لا يتحقق فقط بالإنجاب البيولوجي، وإنما التزكية هي أساس حفظ الإنسان كَمَّا وكيفا ، فلا يمكن الحديث عن الثاني دون الأول والعكس، لذلك فإن الحديث عن ضرورة «حفظ النوع» و«حفظ النسل» بالتركيز عن الجانب الكمي العددي وإهمال الجانب الكيفي التزكوي ليصير الزواج عملا تكاثريا، والكثرة في حد ذاتها ليست محلا للمباهاة ولا للمفاخرة، بل تصير الكثرة الكمية الخالية من «الإنسان الزكي» غثائية لا يؤبه بها، وضررها أكثر من نفعها، كما جاء في الحديث: « يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها » فقال قائل: «ومن قلة نحن يومئذٍ؟» قال: « بل أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاءٍ كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة لكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن قال : حب الدنيا وكراهية الموت » [48]. فالفعل التزكوي هو الذي يرقى بمؤسسة الأسرة فتصير كالشجرة المثمرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.


والتركيز على التزكية في الحفظ الأخلاقي للإنسان هو ما يمكن اعتباره بتفعيل «المقصد الإيماني» و«المعيار الإلهي» في الحياة، فهو الذي يوحد القيم ويضبط الأفعال ويوجه السلوك الأسري نحو الغاية الأسمى وهي «العبادة»، مصداقا لقوله تعالى ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، وكل عمل معوج الوجهة، أو بلا قبلة، فلا يندرج ضمن التصرفات التوحيدية. المبحث الثالث : حفظ الانتماء البيولوجي أو حفظ الانتساب. يعد حفظ النسب المستوى الثالث من مستويات حفظ الإنسان؛ إذ «إن النسب آصرة متينة من أواصر البشر، ألهمهم الله تعالى العناية بها والدفاع عنها وتعزيزها، لحكمة إلهية تعلقت بها إرادته لبقاء النوع الإنساني» [49] ، ويعتبر النسب من حقوق الأبناء، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان]، وقال سبحانه: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب:5]، وقال ﷺ: « الولد للفراش » [50] ؛ أي الزواج.


وقد تفشّت بعض الظواهر في المجتمعات الحداثية نحو «الطفل الطبيعي» و«المراهقة الحامل» و«الأم العازبة»، وسبب ذلك ترسيخ الفصل بين الزواج والعلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى، وفشوّ العلاقات الحرة، وعدم تجريم هذه الأخيرة بعيدا عن مؤسسة الزوجية المدنية أو الشرعية، ومن الطبيعي أن يظهر عندنا طفل لا يعلم له نسب بيولوجي، ومن ثمّ، صار هذا الطفل في مفترق الطرق نحو التيه والضياع، وكما يقول أوليفي تيوكوكريف: «لا يمكن بأي حال من الأحوال خلق عالم جدير بالأطفال خارج إطار الأسرة» [51] ، فإذا كان هذا شأن الطفل في بيئة لا تولي اعتباراً كبيرا للنسب، فكيف سيكون شأنه في عالم يعتبر فيه النسب مكونا من مكوناته الدينية والثقافية والاجتماعية؟! فهو مقصد تكويني لأن حاجةَ الإنسانِ إلى الانتساب إلى أصلٍ معلومٍ فطريّةٌ بالأساس، وجُبلَ عليها البشرُ منذ الأزل كيفما كانت ديانتهم وقوميتهم؛ وفي هذا المعنى يقول شاه وليّ الله الدّهلوي: «اعلم أن النسب أحد الأمور التي جبل على محافظتها البشر، فلن ترى إنسانا في إقليم من الأقاليم الصالحة لنشء الناس إلا وهو يُحِبُّ أن ينسب إلى أبيه وجده، ويكره أن يقدح في نسبته إليهما، اللهم إلا لعارض من دناءة النسب أو غرض من دفع ضر أو جلب نفع ونحو ذلك، ويجب أيضا أن يكون له أولاد ينسبون إليه ويقومون بعده مقامه، فربما اجتهدوا أشد الاجتهاد، وبذلوا طاقاتهم في طلب الولد، فما اتفق طوائف الناس على هذه الخصلة إلا لمعنى في جبلتهم، ومبنى شرائع الله على إبقاء هذه المقاصد التي تجري بجري الجبلة ، وتجري فيها المناقشة والمشاحة والاستيفاء لكل ذي حق حقه منها والنهي عن التظالم فيها، فلذلك وجب أن يبحث الشارع عن النسب» [52] ، والحاجة إلى الانتساب لا تقتصر على الطفل، وإنما تتعداه للأب، فهي حاجة فطرية متبادلة بين الولد ووالده.


كما أن حفظ النسب مقصد تشريعي ؛ فقد سُنَّت مجموعة من التشريعات لمنع أن يدخل فيه ما ليس منه، أو يخرج منه ما هو فيه، إذ تترتب على النسب أحكام شرعية يبلغ بعضها درجة الكبائر نحو «عقوق الوالدين»، بالإضافة إلى عدد من الأحكام الأخرى المختصة بالزواج والنفقة والميراث وسقوط القصاص والولاية والحضانة والرعاية وغيرها [53]. وقد عمل أهل الأصول والمقاصد على بيان مقاصدية حفظ النسب، واختلفوا في رتبته ودرجته ضمن سلم المقاصد بين رأي يقول إنه يندرج في «المقاصد الضرورية»، وآخر يراه ضمن «المقاصد الحاجية» [54] ، ويلخص ابن عاشور الخلاف قائلا: «وأما حفظ الأنساب، ويعبَّر عنه بحفظ النسل، فقد أطلقه العلماء، ولم يبينوا المقصود منه، ونحن نفصل القول فيه، وذلك إن أريد به حفظ الأنساب: أي النسل من التعطيل ، فظاهر عدّه من الضروري؛ لأن النسل هو خِلقة أفراد النوع ، فلو تعطل يؤول تعطيله إلى اضمحلال النوع وانتقاصه، كما قال لوط لقومه: ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ﴾ [العنكبوت].


على أحد التفسيرين، فبهذا المعنى ، لا شبهة في عده من الكليات ؛ لأنه يعادل حفظ النفوس أما إن أريد بحفظ النسب: حفظ انتساب النسل إلى أصله ، وهو الذي لأجله شرعت قاعدة الأنكحة ، وحرم الزنا ، وفرض له الحد ، فقد يقال : إن عدّه من الضروريات غير واضح ، إذ ليس بالأمة من ضرورة إلى معرفة أن زيداً هو ابن عمرو، وإنما ضرورتها في وجود أفراد النوع وانتظام أمرهم[ فيكون حفظ النسب بهذا المعنى، بالنظر إلى مجموع جوانبه، من قبيل الحاجي ، ولكنه لما كانت لفوات حفظه من مجموع هذه الجوانب ، عواقب كثيرة سيئة ، يضطرب لها أمر نظام الأمة ، وتنخرم بها دعامة العائلة ، اعتبر علماؤنا حفظ النسب في الضروري ؛ لما ورد في الشريعة من التغليظ في حد الزنا، وما ورد عن بعض العلماء من التغليظ في نكاح السر، والنكاح بدون ولي وبدون إشهاد» [55] ، وفي مقالة ابن عاشور حول «النسب» ذكر أن حفظ النسب «عند التحقيق من قبيل الحاجي ولكنه شبيه بالضروري ، وإلى ذلك الأصل ترجع الأحكام الشرعية الحائلة حول حياطته من الانخرام والشك في واقعيته، مثل تشريع الزواجر على الاعتداء عليه كحد الزنى وتعزير الاغتصاب، وشرع عدة الوفاة، وإيجاب الإشهاد على النكاح عند العقد أو قبل البناء على الخلاف.


وقد تقرر من قواعد الفقه أن الشارع متشوف للحاق النسب » [56]. وعليه؛ فإن الانتساب مقصد شرعي، فهو ضرورة من ضرورات حفظ النسل، بل هو «ضرورة من ضرورات حفظ المجتمع؛ إذ بالإضافة إلى ما لجهالة النسب واختلاطه من أثر في انحلال الرابطة الأسرية بانحلال عواطف الأبوة والبنوة، فإن علم النفس أصبح يثبت على وجه اليقين ما لجهالة النسب من تأثير نفسي مدمر على شخصية المجهول نسبه» [57]. لذلك كان من معاني حفظ النسل حفظ النسب، وذلك بأن تكون نسبة الابن معلومة لأبيه بالضوابط الشرعية، التي لا تكون إلا عن طريق الزواج، وكل تلفيق للنسب خارج الأسرة فإنه يكون مدعاة للتنقيص، فباستقراء مقصد الشريعة في النسب يتبين لنا أنها تقصد إلى نسب لا شك فيه ولا محيد به عن طريق النكاح [58] ، ومن شأن هذا أن يعزز الكرامة الإنسانية بحيث يرجع كل فرع إلى أصله الحقيقي، وهذا مدعاة لئلا تختلط الأنساب وتشتبك الأعراض، فحفظ النسب «الراجع إلى صدق انتساب النسل إلى أصله سائق النسل إلى البر بأصله، والأصل إلى الرأفة والحنو على نسله —سوقا جبليا وليس أمرا وهميا، فحرص الشريعة على حفظ النسب وتحقيقه ورفع الشك عنه نظر إلى معنى عظيم نفساني من أسرار التكوين الإلهي علاوة على ما فيه ظاهره من إقرار نظام العائلة ودرء أسباب الخصومات الناشئة عن الغيرة المجبولة عليها النفوس، وعن تطرق الشك من الأصول في انتساب النسل إليها والعكس» [59].


حرص الشارع على حفظ «الانتساب» من جهة الوجود بإقامة أركانه وتثبيت قواعده، وهو ما يمكن وسمه ب« الحفظ الوجودي »، وذلك عن طريق:. ب- تشريع العدة :وقد حدد الشارع مدد العدة بثلاث مقاييس زمنية اختلفت باختلاف أصناف النساء: عدة الأقراء، وعدة الأشهر، وعدة الحبل [60]. كما عمل الشارع على حفظه من جهة العدم بأن درأ عنه الاختلال الواقع أو المتوقّعَ فيه، وهو ما يمكن تسميته ب« الحفظ العدمي »، وذلك عن طريق:. أ- تحريم التبني :التبني هو نسبة الطفل لغير أبيه، وهو أمر محرم في الإسلام. لقوله تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴾ [ الأحزاب:5].


ب- تحريم نسبة المرأة لزوجها من تعلم أنه ليس ابنه :قال ﷺ: « أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته » [61]. ج- النهي عن نفي النسب كذبا وزورا :قال ﷺ: « أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه ، احتجب الله منه ، وفضحه به على رؤوس الخلائق بين الأولين والآخرين » [62]. د- النهي عن الانتساب إلى الأب كذبا وزورا :قال ﷺ: « من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام » [63] ، «ولعل الحكمة في ذلك أن انتساب الولد إلى غير أبيه عقوق للأب وإساءة إليه، وترك لشكر نعمته» [64]. ھ- تحريم اشتراك رجلين فأكثر في عصمة امرأة ، وذلك إبطال لنوع من النكاح كان في الجاهلية يسمّى الضِّمَاد [65]. فالانتساب جزء من منظومة تشريعية متكاملة لحفظ الأسرة، «فالسكن والمودة والرحمة لا تتحقق في العلاقات العشوائية الجنسية بين الطرفين، فهي علاقات سرعان ما تنتهي بسبب انبنائها على الشهوة، وتوصيفها الصحيح أنها علاقة مؤقتة تخالف وتنقض ما جاء به الشرع من الديمومة القاصدة إلى كمال شمولية الإطار التراحمي وما جاء به من حسن العشرة والمعروف والحنان والأمان المتواصل بين الطرفين والارتقاء به أدبيا وأخلاقيا واجتماعيا» [66] ، والحفاظ على الأسرة حفظ للأمة.


فالنسب إذن جزء من نسق كلي، يشترك فيه القصد التكويني المرتبط بالفطرة الإنسانية بالقصد التشريعي المؤطر للأمة الإسلامية، ولا سبيل إلى هذا الحفظ من غير تثبيت أركان الأسرة، فهي«المحل الذي يتعلق فيها الإنسان بغيره تعلق نسَب ويتخلق فيها بحسب هذا التعلق» [67]. وتجدر الإشارة إلى أن الانتساب صار استثناء في بعض المناطق في أمريكا إلى حدود أواخر القرن العشرين؛ ففي عام بلغت نسبة الأطفال غير الشرعيين للأمريكان من أصول إفريقية إلى كما تكرست النظرة الوظيفية للأب، وحصر دوره في توفير الدخل المادي وإمكانية إسهام المرأة في تحقيق هذا الأمر، وصرف النظر عن الوظائف المعنوية المهمة والرئيسة المنوطة بالأب، على رأسها كونه عماد الأسرة، إلى جانب الأم، ومصدر القوة والهوية للطفل، ومن ثمّ؛ فإن خروج المرأة للعمل وتحقيقها للاكتفاء المادي لم يجعلها مستغنية عن الأب؛ وإنما جعلت الحاجة مزدوجة ومضاعفة ليصير أكثر حضورا في التكوين الاجتماعي للطفل وتربيته، خصوصا مع تقلص امتداد الأسرة.


لذلك ينبغي دراسة فقدان النسب باعتباره ظاهرة تعبر عن تفكّك الروابط الإنسانية وتبرئ المرء من كل ما قد يصير هذه العلاقة أشبه بالارتباط على رأس ذلك «الأطفال»، ومن هنا يفرق «باومن» بين أنواع المعاشرة إذ قال: «الحياة المشتركة في إطار المعاشرة من دون زواج والحياة المشتركة في إطار النسب يمثلان عالمين مختلفين ومتباعدين، ولكل منهما قانونه ومنطقه الخاص» [74]. تعد الأسرة الجسر الأوحد بين حفظ الإنسان وضبط أحوال العمران، والأصل في الأسرة أنها اجتماع بين أناس تربطهم أواصر الدم والرحم والرحمة، فتحفظ الإنسان من جهة، وترقى بالعمران من جهة أخرى. وبعد أن ذكرنا بعض المقاصد المتعلقة بالإنسان كماهية وانتماء ننتقل إلى الحديث عن بعض المقاصد الكلية المتعلقة بالاجتماع الأسري. يشترك كل من الإحصان والعفاف في أصل المنع؛ فإذا نظرنا للمعاجم نجد أن المادة اللغوية ل «حصن» تدل على جملة معانٍ وهي الحفظ والحياطة والحرز [75] والمنع، وهذه المعاني استعملت في الحقل الحربي باتخاذ الحصون للوقاية والحفظ للمنع من الأذى.


كما يرجع أصل كلمة عفاف إلى أصلين صحيحين هما: الكف عن القبيح والدال على قلة الشيء [76] ، وبعد ذلك سيصير معنى العفاف في بعض معاجم اللغة هو الكف عما لا يحل [77] ، ويظهر تأثر المفهوم بالدلالات القرآنية للعفاف، حيث لم يكن مفهوما «الحلال أو الحرام» واردين عند العرب، فقد كان الحديث عن مطلق «الكف»، وسيتجلى هذا الأمر أكثر مع الراغب الأصفهاني إذ قال: «العفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والمتعفف المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر، وأصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العُفافة» [7 8 ] ، وهنا صار للمفهوم مدلول أخص بحسب الاستعمال القرآني الجديد.


وتظل دلالة المنع الجامعة لغيرها من الدلالات الفرعية من إحكام ووقاية وحماية وغيرها، ونرى أن دلالة الإحصان انتقلت للحقل الأخلاقي قبل المرحلة القرآنية، فكان يطلق الإحصان بمعنى العفاف لأنه كان قيمة معتبرة لدى العرب. يرتبط تعريف العفة كما جاء في اللغة بالمنع، لذلك نجد في تعاريفها الاصطلاحية ما يشير إلى الامتناع والضبط والتقييد؛ قال الماوردي: «والعفة في العرف الامتناع من كل فاحشة» [79] ، فنجد أن الماوردي لجأ لتقييد التعريف بالعرف لأنها صارت في العصور اللاحقة تعني هذا المعنى إذا أطلق من غير تخصيص. ويعرفها ابن مسكويه: «وأما العفة فهي فضيلة الحس الشهواني وظهور هذه الفضيلة في الإنسان يكون بأن يصرف شهواته بحسب الرأي أعني أن يوافق التمييز الصحيح حتى لا ينقاد لها ويصير بذلك حرا غير متعبد لشيء من شهواته» [80]. وهذا الجاحظ يعرفها بقوله: «ضبط النفس عن الشهوات وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد، ويحفظ صحته، واجتناب السرف في جميع الملذات وقصد الاعتدال» [81] ، وحدّها الراغب الأصفهاني في كتابه الذريعة : «ضبط النفس عن الملاذ الحيوانية، وهي حالة متوسطة من إفراط وهو الشره وتفريط وهو جمود الشهوة» [82] ، وعرفها الجرجاني: «هيئة للقوة الشهوية متوسطة بين الفجور الذي هو إفراط هذه القوة، والخمود الذي هو تفريطها، فالعفيف من يباشر الأمور على وفق الشرع والمروءة» [83] ، فكان العفاف درجة وسطى؛ إذ إنه لا يلغي الشهوة الإنسانية، وإنما يوجهها نحو المسلك الشرعي، فكان الإفراط في كبح هذه الشهوات بشتى أنواعها وضروبها مذموما، ولا أدل على ذلك من استحباب الشرع للنكاح وتحريمه الرهبنة باعتبارها نقيضا للحضارة، فهي في العمق طغيان في المجال الإنساني وله نتائج مدمرة على حياة الإنسان، لأنها تصل بصاحبها في نهاية المطاف إلى رفض العالم [84].


ثالثا : الأسرة حصن وحضن. سمى القرآن النكاح إحصانا، ووسم الأزواج بـ «محصنين» بصيغة اسم الفاعل، وسمى الزوجات «محصنات» بصيغة المفعول، فقال جل جلاله: ﴿مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾ [المائدة: 5]. وقال سبحانه: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء: 25]. وأطلق على النساء ذوات الأزواج لقب المحصنات، وقال: «فإذا أحصن» بالبناء للنائب، أي: أحصنهن أزواج [85] ، لذلك كان الإحصان مظنة العفاف حسب الاستعمال القرآني، ويؤيد هذا التأويل ما جاء في البيان النبوي، حيث قال ﷺ: « ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف ».


فقد رغّب الشارع في الزواج، وأمر الراغب فيه غير القادر عليه ماديا بالاستعفاف حتى يغنيه الله، ثم توجه الأمر بعدم إكراه الفتيات على الزنا إن أردن تعففا [87] ، وإطلاق الإحصان بمعنى العفاف باعتبار المظنة، فمظنة الزواج العفاف، فنزلت المظنة منزلة الغالب. ومنه، فإن دلالات الإحصان في القرآن تدور حول منع النفس من الفاحشة، والفاحشة هنا تفريغ الشهوة في غير محلها، لذلك أرشد الشارع إلى المحل الصحيح وهو الزواج، فكان الزواج إحصانا، ومن خصائص هذا الحصن الزواجي أنه يعين الزوجين على التعفف، ويمنعهما من الفاحشة. ويجدر بي الإلماع إلى أن هذا المقصد يجب أن يفهم في ضوء المنظومة المقاصدية الأسرية الكلية والجزئية، فأي فتوى تضخم هذا المقصد على حساب المقاصد الأخرى فإنها تنزل بمفهوم الأسرة من العلو التكريمي الإنساني إلى الدرك البهيمي الحيواني، بل الأخطر من ذلك أنها تشيء الزواج وتصيره مثل عقود الكراء والإجارات المتسمة بالتأقيت، وذلكم نحو الفتاوى التي أباحت للرجل الارتباط بامرأة على سبيل التأقيت لا التأبيد في ظروف طارئة كالسفر الطويل وغيره من أجل قضاء وطره، فجاءت بعض الإجابات ضاربة بمقاصد الأسرة عرض الحائط فأبيح بذلك «الزواج المؤقت» و«الزواج المؤقت دون علم الزوجة» «ونكاح المحلل» «ونكاح المتعة» وغير ذلك من أضرب الأنكحة الفاسدة والباطلة.


فبدل إعطاء هذه الحلول الترقيعية المبيحة لهذا الزواج أو ذاك، كان من الأولى أن يقدم الفقيه أو المفتي حلولا لسد أبواب الشهوات التي عالجها القرآن الكريم في سورة النور نحو الأمر بغض البصر في قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾[ النور: 30] أو الصيام كما جاء في قوله ﷺ: « من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء » [88] ، ونحوها من التدابير الإجرائية لحماية الفرد والأسرة، وحتى لا يختزل الزواج في تفريغ الشهوة أو قضاء الوطر دون تأطر بالمقاصد الكلية أو اعتبار بالدور الاستخلافي العمراني لمؤسسة الزواج [89]. يعدّ السكن أحد مقاصد الاجتماع الأسري، وهذا السكن داخل الأسرة هو ما يحقق الاستقرار في المجتمع، وأي إخلال بشروط الاجتماع الأسري فإنه يخل بالاجتماع الإنساني. السكن إلى شيء هو نقيض التحرك، والسكون ثبوت الشيء بعد تحرك [90]. ويطلق السكن في القرآن ويراد به السكن المادي تارة، والسكن المعنوي تارة أخرى، فمن الأول قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾[ الطلاق: 6] ومن الثاني قوله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا﴾[ النحل: 80]؛.


ومن المعاني المعنوية قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [ الروم: 21] وقوله جل وعز: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [ الأعراف: ]، واللام في الآيتين لام تعليل، فكأن القصد من الزوجية الآدمية السكن البشري. إن تحقيق السكن مقصد سام من مقاصد الزواج، لذلك خلق الله سبحانه الزوجين من نفس واحدة فذلك أدعى للمودة والتآلف وأبعد عن الشقاق والتنافر.


ولتحقيق هذا المقصد كان الأصل في الزواج في الإسلام التأبيد لا التأقيت، ومن ثم فإن جميع الزيجات الأخرى الذي تحدد بزمان محدد ووقت معين ليست من الشرعة الخاتمة في شيء كنكاح المتعة والزواج بنية الطلاق وغيرهما، إذ إن من مقاصد السكن الروحي الاستقرار، ولما كان الاستقرار في السكن الحجري لا يتحقق دون إحساس بالبقاء في المسكن، فأي إحساس بالخروج أو التغيير فإنه مشوش ويوقع في الحرج الدائم مما لا يتحقق معه السكن، ونفس الأمر يقال للسكن البشري، إذ إن الديمومة هي الكفيلة بتحقيق السكن الحقيقي والاطمئنان المعنوي. وقد ركزت على معطى المسكن بمعناه الحجري المادي أيضا، لأنه صار في وقتنا من المتغيرات التي أصابت جسم الأسرة في الغرب، حيث صار من الممكن أن يعيش الزوجان في مكانين مختلفين حفظا لخصوصية كل واحد منهما! وبدأت بوادر ذلك تظهر عندنا مما يستدعي التركيز على جميع المعطيات «البدهية المسَلَّمة» في عالم متغير.


ثالثا : السكن الأسري والاستقرار المجتمعي. من مقاصد السكن تحقيق الاستقرار، وسنفهم هذه المسألة أكثر حين نتأمل في الواقع العالمي من حولنا، حيث انفصلت الأسرة عن أداء معانيها، وصار واقع «الأسرة» سائلا، بل صرنا أمام «لا أسرة»، وذلك بالانخراط في المنطق الاستهلاكي، إذ لم يعد الابن يأتي بعد علاقة زواجية بين ذكر وأنثى، وإنما انهدمت المبادئ المؤسسة للأسرة الفطرية، وانفصلت مقاصد الأسرة عن وظائفها. ومن ثمّ فإن الاستقرار يستلزم الإقرار بالروابط والعلاقات التي تؤسسها الأسرة باعتبارها مركز الاجتماع الإنساني؛ أي علاقة الزوج بزوجته، وعلاقة الأبوين بالأطفال، وعلاقة الابن بوالديه، بالإضافة إلى شبكة العلاقات الأخرى، والتشابك العلائقي الذي ينتج عن علاقة أسرية يكون صلبًا لا سائلا، وقويا لا هشّا. إن هذه العلاقات روابط إنسانية، وإذا تأطرت بمقاصدها القرآنية الكلية والجزئية، فإنها ستصير قوة، وقوة الروابط هي التي تعطينا السكن والاستقرار، ومن ثمّ كانت الأسرة هي فضاء التخلق بتعبير طه عبد الرحمن.


تتأسس الأسرة على علاقات الرّحم؛ فالرحم هو المحدد البيولوجي لتأسس الأسرة فطريا، كما أن الرحمة هي المحدد القيمي لاستمرار الأسرة أخلاقيا وإنسانيا، فلا يمكن الحديث عن أسرة سويّة فطريا دون التأسس على علاقات الرّحِم.. كما لا يمكن الارتقاء الإنساني بالأسرة دون التخلق بأخلاق التراحم. والناظر في الآيات المتعلقة بالأسرة في القرآن الكريم سيستخلص مقصدا جامعا وحاكما هو الرحمة؛ وعنه تتفرع بقية المقاصد؛ ومن ثمّ؛ كانت الأسرة كيانا اجتماعيا مرحوما، وهذه الرحمة مؤكدة بالنص وتتعزز بتمثلها سلوكيا، قال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، «والرحم مفهوم كليّ في الدين، يقوم عليه عدد كبير من الأحكام الشرعية، التي تنظّم الحياة الزوجية بما يضمن استمرارَ هويتها الإسلامية، وانتسابَها الديني في ذريتها إلى يوم القيامة، فالرحم ليست هي ذلك الغشاء البطني الداخلي الذي يحتضن الجنين في بطن أمه فحسب.


ذلك معنى لغوي صرف. وإنما المقصود بالرحم في السياق التشريعي: هو مجموع العلاقات الشرعية التعبدية، التي تنشأ عن الزواج الشرعي، وعما يترتب عنه من نسل [91] ، «ومن هنا فقد قرنها الحق سبحانه وتعالى بأصل التوحيد، الذي هو أصل الأصول في الإسلام» [92]. ونلحظ كيف جاء التّـركيز على التقوى في الآية السّابقةِ وربطها بحق الأرحام، وهذه الوثاقة بين التقوى والرحم أكدها الحديث النبوي، حتى صارت صلة الرحم مستوجبةً لرحمة الرحمن؛ قال ﷺ: « الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ، الرحم شُجْنَةٌ من الرحمن ، فمن وَصَلَها وصله الله ومن قطعها قَطَعَه الله » [93]. و«تقوى الرحم راجعة إلى حفظ حقوقها الشرعية، وصيانة أحكامها التكليفية المنوطة بها تعبدا لله رب العالمين.


فهي إذن شعيرة يعبد الله بها أصالة، باستمرارها يستمر الدين، وبانقطاعها ينقطع» [94]. وكلما قويت آصرة الرحم كان الترحم أشد وآكد طلبًا، ويبدأ التراحم من العلاقات الرحمية ليتعداه للعلاقات الإنسانية. ومن ثمّ ؛ فإن الاجتماع الأسري في الإسلام يتأسس على الرحم ، ويقوم على التراحم ، وكلما تخلق المرء بأخلاق الرحمة انعكس ذلك على آصرة الرحم فزادها صلابة وقوة. ثانيا : تجليات الرحمة في العلاقات الأسرية. إن الرحمة كلي مقاصدي تتفرع عنه مجموعة من المقاصد الأخرى كالفضل والإحسان والمودة والبر وغيرها، وفيما يأتي بعض تجلياتها:. قال عز وجل: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 20]. ذلك أن البشر عامة أبناء أغيار، وكثيراً ما تتغير أحوالهم، فالقوي قد يصير إلى الضعف، والغني قد يصير إلى فقر، والمرأة الجميلة تُغيِّرها الأيام أو يهدّها المرض لذلك يلفت القرآن أنظارنا إلى أن هذه المرحلة التي ربما فقدتم فيها السكن، وفقدتُم المودة، فإن الرحمة تسعكما، فليرحم الزوج زوجته إنْ قَصُرت إمكاناتها للقيام بواجبها، ولترحم الزوجة زوجها إنْ أقعده المرض أو أصابه الفقر..


إلخ [95]. كما نجد تمثل هذا الخلق في القصص القرآني؛ إذ ورد الثناء على الأبناء لالتزامهم خلق البر كما جاء في وصف يحيى بن زكرياء S: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾ [مريم: 14]، وقال حكاية عن عيسىS: ﴿ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾ [مريم: 32]. لن نجد في القرآن صيغًا للأمر المباشر بالإحسان إلى الأبناء والرحمة بهم، لأنه من دواعي الفطرة والجبلة، لذلك «يكتفي الشارع في طلبه بمقتضى الجبلة الطبيعية والعادات الجارية؛ فلا يتأكد الطلب تأكد غيره» [96] ، لكننا نجد تمثلات سلوكية لهذا الأمر في القصص القرآني، ومن ذلك:.


نوح مع ابنه: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ﴾ [ هود: ]. أم موسى مع موسى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [القصص: ].


ومن معاني الآية أن فؤاد أم موسى صار خاليا من كل شيء إلا من فلذة كبدها، فحرم الحق عليه المراضع ورده إلى أمه، ورغم إيمان أم موسى بقول الحق وانصياعها لأمر الوحي، إلا أن ذلك لم يمنعها أن تحزن وتتألم لفراق ابنها، فهذا مما غرس في الطبائع والفطر، ومنه نفهم سبب عدم إكثار القرآن من الأوامر الداعية بالإحسان إلى الأبناء. يمكن التمثيل لهذا التجلي المرحمي في قصة موسى مع أخيه؛ إذ عاد موسى لقومه غضبان أسفا من عبادتهم العجل، ﴿وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [الأعراف: ]، «ناداه نداء استضعاف وترفق وكان شقيقه وهي عادة العرب تتلطف وتتحنن بذكر الأم» [97].


فما كان من موسى S إلا أن استجاب لنداء أخيه الرحيم، ويطلب من أرحم الراحمين أن يغفر له ولأخيه؛ ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [الأعراف: ]، وقد جاء في آية أخرى تأكيد على صفة الرحمة بينهما؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾ [مريم: 53]، فالأخوة اشتراك في رحمٍ واحد ، وهي رحمةٌ من الله عز وجل ، وتستلزم معاملة تراحمية خاصة ترقى بها. ويتضح الأمر أيضا في علاقة يوسف بأخيه: ﴿وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون﴾ [يوسف: 69].


فعبر القرآن عن فعل يوسف بالإيواء، و«أطلق الإيواء هنا مجازا على الإدناء والتقريب كأنه إرجاع إلى مأوى» [98] ، وحكى عن يوسف قوله لأخيه «فلا تبتئس »: «البؤس هو الحزن والكدر والنهي عن الابتئاس مقتض الكف عنه، أي أزل عنك الحزن واعتض عنه بالسرور». فهذه الصورة القرآنية تعبر عن العلاقة الأخوية في أرقى صورها، في الإدناء والإيواء والطمأنة، فالأصل أن الأخوة أمان.. والأخوة وقاية.. والأخوة رعاية، وهذه بعض معاني الرحمة []. وتتعدد تجليات الرحمة في العلاقات الأسرية في القرآن الكريم؛ مما يؤكد أن الرحمة هي المقصد الحافظ للاجتماع الأسري والتراحم الأسري هو أساس التراحم الاجتماعي، كما تعد الرحمة كليّا مقاصديا تندرج تحته مقاصد أخرى، فإذا جاز وصف شِرعة الإسلام بوصف جامع فهي شِرعة المرحمة؛ ولا ريب أن جعل الله من خصائص هذه الشرعة أن نسخت شِرعة الإصر والأغلال. ثالثا : التراحم وحفظ الاجتماع الأسري والإنساني. قال ابن عاشور: «إن المقصد العام من التشريع [ وجعل الله سبحانه وتعالى الأسرة منبع الصلات الاجتماعية الصلبة، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ [الفرقان: 54]، فالأسرة ليست مجرد زواج بين ذكر وأنثى، وإنما هي مجموع الصلات المتولدة من هذه العلاقة، ومن ثمّ؛ فإن الأسرة امتداد علائقي متماسك، وهذا التماسك منبعه صلة الدم والرحم التي تتأطر بالمقاصد والأخلاق الضامنة للاستمرار والارتقاء بالفعل الاجتماعي نحو مدارج التأنس وابتعاده عن التوحش، وكما قال عمر عبيد حسنة: «إن إحكام السيطرة والتحكم على عالم المسلمين يقتضي انحلال الأسرة المسلمة وتفكيكها؛ لأن الشواهد التاريخية دلت ولا تزال على أن التربية الأسرية هي الباقية، وهي القادرة على التجاوز واستئناف الفعل الاجتماعي، وهي القادرة على الاحتفاظ بالخمائر الاجتماعية، وإعادة فرزها في المجتمع في الوقت المناسب» [].


ولا يتحقق الارتقاء في مدارج الأخلاق الإنسانية العالية دون التخلق بأخلاق الرحمة التي تتعمق في التعامل الأسري، ثم تعم بعد ذلك في التعامل الإنساني، ومن ثمّ؛ فإن الرحمة هي أساس المقاصد الحاكم للعلاقات الأسرية، ويتجلى التراحم في جميع العلائق الأسرية على امتدادها؛ إذ إن امتداد الرحم يستلزم مدده بالرحمة. وهذا الامتداد الرّحِمي والمدد المرحَمي يؤول إلى امتداد لهذا المقصد خارج دوائر الأسرة إلى المجتمع، فيغدو الاجتماع الإنساني مرحومًا، ويتأكد أن الأصل في العلاقات الإنسانية الرحمة، ولا يتحقق هذا الأمر دون تأسيسه وتمثله في العلاقة الأسرية الخاصة والممتدة، فهي الأصل، ومنها البدء. وعليه؛ فإن هذا المقصد الإنساني «الرحمة»، يشترك في طلبه كل الناس وفق مستويات متباينة، لكن تسليط الضوء عليه من شأنه أن يجعلنا ننظر للعلاقات الأسرية في أفق تعارفي كلّي، فيجذر الإحساس بأهمية العلاقات العائلية الممتدة في سياق عالمي تجتمع وسائله على استنبات ثقافة «قطع الرحم» و«إهلاك الحرث والنسل».


إن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية المؤهلة لعمران الأرض، فإذا كانت الخلافة نيطت بالإنسان، فإن من شروط الاستخلاف أن تتم تنشئة الإنسان في ظروف اجتماعية إنسانية؛ ومن ثمّ؛ كانت الأسرة هي الحِصن الحامي للاستخلاف والضامن للعمران، وذلك بترسيخ التأنس والابتعاد عن التوحش، إذ نجد القرآن الكريم ربط بين إهلاك الحرث والنسل ﴿وَ إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [البقرة: ]، فإفساد النسل يستلزم بالضرورة فساد الحرث، ولا يستقيم الاجتماع الإنساني على الأرض دون سلامة الشرط البيئي «الحرث» والإنساني «النسل»، وأي ضرر بالنسل سيعود على العمران، وكما يقول الفاروقي: «إن من المقطوع به أن قدر الحضارة والأسرة هو أن تنهضا معا أو تسقطا معا» [].


لذلك فالأسرة تحفظ الإنسان، كما سبق بيانه، كما تحفظ الحسّ الإنساني المشترك، أي الفطرة، وهي الضامنة للشرط الإنساني في الاجتماع، بالإضافة إلى تحقيقها السكن وهو المحدد النفسي في الاجتماع الأسري، ثم التعارف وهو المحدد الاجتماعي. من مقاصد الدين عموما حفظ الفطرة الإنسانية؛ فالفطرة من روح الله المغروسة داخل الإنسان، لذلك نسبت الفطرة إلى الله عز وجل: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 30]، والفطرة، كما قال ابن عاشور هي: «النظام الذي أوجده الله في كل مخلوق» [] ، و«الأصول الفطرية هي التي خلق الله عليها الإنسان المخلوق لعمران العالم، وهي إذن الصالحة لانتظام هذا العالم على أكمل وجه» [].


ولو تأملنا الواقع لوجدنا أن كثيرا من الفلسفات والطروحات تسعى ل «تبديل خلق الله» وتغيير «فطرة الله التي فطر الناس عليها»؛ ومن ثمّ؛ كان الحديث عن الأسرة أساسا مركزيا لحفظ الفطرة التي تبقي على خلق الله ولا تغيره، إذ إن الناظر للتشريعات الأسرية يتأكد له أنها تشترك في الحرص على حفظ الفطرة، وتتجلى لنا معالم هذا الحفظ في ضوء السياق المعاصر الذي انفصلت فيه الوظائف الأسرية عن مقاصدها فاختل التوازن الإنساني، ومن ثمّ الناموس الفطري. فالفطرة هنا مقصد تكويني يعم في الإنسان ويؤطر فهم الشريعة؛ إذ «إن حكمة السماحة في الشريعة أن الله جعل هذه الشريعة دين الفطرة. وأمور الفطرة راجعة إلى الجبلة، فهي كائنة في النفوس سهل عليها قبولها» [] ، «ونحن إذا أجدنا النظر في المقصد العام من التشريع نجده لا يعدو أن يساير حفظ الفطرة والحذر من خرقها واختلالها. ولعل ما أفضى إلى خرق عظيم فيها يعد في الشرع محذورا وممنوعا، وما أفضى إلى حفظ كيانها يعد واجبا» []. كما أنها معيار تصحيحي لترشيد واقع الإنسانية، «لذا فإننا في قلب الأزمات سنحتاج إلى مفهوم الفطرة في الكشف عما يصيب النفس الإنسانية في حال التأنس والتوحش، وكيف يمكن استنقاذ الفطرة حين يسود التوحش كي يمكن رد الإنسان الفرد والجماعة إلى التأنس مرة أخرى، وإحياء الفطرة السوية لتعلو فوق النزعات اللاإنسانية في وقت الصدام، وإدراك أن قواعد الشرع المنظمة لذلك غايتها ليس فقط حفظ المقاصد الكلية بل كذلك حفظ الفطرة الإنسانية من السقوط وقت الحروب والتناحر» [].


يدل الجذر اللغوي «ز وج» على مقارنَة شيءٍ لشيء [] ، والزَّوْجُ خلاف الفَرْدِ [] ، والمقارنة تستلزم الاختلاف، ومن ثم كان عمق معنى الزوجية يحيل إلى الاختلاف لا التشابه، ومن سمات هذا الاختلاف الأولي التعدد المادي، حيث إن الزوج خلاف الفرد كما ذهب إلى ذلك ابن منظور. ومن أحدث ذلك التضاد أو تسبب فيه فقد تسبب في إفساد نظام الكون، وذلك من اختصاص الشيطان حين قال: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: ]. وخلق الله على الشكل الذي هو عليه هو الفطرة، أي: الفطرة التي فطر عليها الكون، أي: الكيفية التي أراد الله أن يسير عليها الكون، وهي الدين أيضا: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾ [الروم: 29]. وقد ذكرت الصيغة الفعلية للزوج خمس مرات في القرآن الكريم: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب: 37]، ﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الدخان: 54]، ﴿ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ﴾ [الطور]، ﴿ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا﴾ [الشورى: 50]، ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [ التكوير: 7]، والملاحظ من هذه الآيات القرآنية أن فعل «التزويج» لم ينسب لبشر قط، وإنما كان دائم النسبة لله سبحانه وتعالى، وحتى في آية التكوير، لما ذكر الفعل بصيغة المجهول فلأن الفاعل معلوم وهو الله سبحانه وتعالى، ومن ثَم فكل عملية تزويج فهي استمرار رباني لأصل المزاوجة الأزلي سواء بين آدم وحواء من البشر أو غيرهم من الكائنات، وأي معارضة لهذا النهج فهي معارضة للنهج الرباني وحياد عن السنن الإلهي في الأساس.


أما مادة «زوج» بالصيغة الاسمية فقد وردت بالصيغة المفردة «زوج» سبع عشرة مرة، وذكرت بصيغة المثنى سبع مرات، وبصيغة الجمع «أزواج» اثنين وخمسين مرة. فمجموع ورود اللفظة بشتى الصيغ الصرفية: إحدى وثمانون مرة []. ويطلق الزوج في القرآن ويراد به: الزوج الآدمي سواء كان ذكرا أو أنثى، كما في قوله ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: 20]، كما يطلق ويراد به الزوج النباتي ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ [لقمان: 10]، أو الحيواني أو غيرهما من أصناف الأزواج ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود: 40].


وقد جعل الله سبحانه الخلق كافة من زوجين ليخالفوا بذلك مقتضيات الألوهية المبنية على الواحدية والتوحيد المجرد المطلق، قال عز وجل: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون﴾ [الذاريات: 49]، مما يدل أن الزوجية ناموس كوني يعم في المخلوقات جمعاء، وهذا يستلزم التوحيد والواحدية المطلقة لله جل في علاه فهو ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، لذلك فمن «أراد الخروج عن الزوجية فإنه لم يشذ فقط عن السنة الكونية وإنما تأله. وحينئذ يصبح الأمر انحرافا عقديا ولا يعود مجرد انحراف تصوري أو سلوكي» [].


تنشأ الزوجية بين الجنسين المنتميين لنفس النوع [] ؛ النباتات مع بعضها، والبشر مع بعضهم، والحيوانات مع بعضها، وأي خروج عن هذا المهيع شذوذ كوني []. ولذلك نجد الحق تبارك وتعالى يؤكد هذا المعنى في آيات كثيرة نحو قوله سبحانه: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾[ الزمر: 6]، وقوله جل وعلا: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49]، وقوله تعالى: ﴿فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ﴾ [المؤمنون: 27]، وقوله عز وجل: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾ [النبأ: 8]، وانطلاقا من هذه الآيات يتأكد لنا أن الزوجية «خلق رباني» و«جعل إلهي»، وهذه المسألة ملحوظة يدركها كل إنسان بيسر وبساطة. فقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى، وجعل حياة هذا الجنس وامتداده قائمة على اختلاف الزوجين والتقائهما. وكل إنسان يدرك هذه الظاهرة، ويحس ما وراءها من راحة ولذة ومتاع وتجدد دون الحاجة إلى علم غزير.


ومن ثم يخاطب بها القرآن الإنسان في أية بيئة فيدركها ويتأثر بها حين يتوجه تأمله إليها، ويحس ما فيها من قصد ومن تنسيق وتدبير []. والملحوظ أن التأكيد على الزوجية الآدمية ورد في سياق التأكيد على وحدة النفس، الأمر الذي يجنبنا أي نقاش حول طبيعة المرأة وأصل خِلقتها، وإلحاقها بالجن أو الشيطان كما هو الحال في بعض الثقافات، والتي انسحب أثرها على العمل التفسيري أحيانا، إما عن طريق تسرب الإسرائيليات أو هيمنة الأعراف والعادات التي جاء الشارع لإبطالها ونسفها، مما أدى إلى تساؤل بعض المفسرين عن أحقية المرأة بالتكليف وهل هي أهل لذلك؟! فقد ترسخ عندنا أنه لا فضل لذكر على أنثى إلا بالتقوى، وكل فكرة عدا ذلك باطلة، ويؤكد الحق سبحانه هذا المعنى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1] » [].


فالنفس الواحدة هي النفس الآدمية ثم وقع التزاوج وتفرعت عنها بقية النفوس هكذا إلى يوم القيامة، ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ [التكوير: 7]، وفي ذلك لطيفة ذكرها الشيخ الشعراوي: «لقد سمى الحق آدم بكلمة نفس، وهي مؤنثة، إذن فليس معنى التأنيث أنه أقل من معنى التذكير، ولكن 'التذكير' هو فقط علامة لتضع الأشياء في مسمياتها الحقيقية وكذلك التأنيث. إن الحق سبحانه يطلق على كل إنسان منا 'نفس' وهي كلمة مؤنثة، وحينما تكلم الحق سبحانه كلاما آخر عن الخلق قال: ﴿يا أيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لتعارفوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]» [] ، ويضيف أيضا: «ولماذا لم يقل خلقكم من زوجين وانتهى؟ لأنه عندما يُردّ الشيء إلى اثنين قد يكون لواحد من الاثنين هوى، وإنما هذه ردت إلى واحدة فقط، فيجب ألا تكون لكم أهواء متنازعة، لأنكم مردودون إلى نفس واحدة» []. فالملاحظ على هذه التوصيفات والمعاني أنها تحمل دلالات إيجابية، فهي تعبير عن سنة الله في خلقه، ولا يصح التسليم بشرع الله إلا عن طريق التسليم بسنته في خلقه، ومن ثم، فإن معنى الزوجية كوني سنني بثه الله في خلقه وفي تشريعه: ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54].


وأشير إلى أن الأمر بالتزام سنة الله في خلقه لا تقتصر على المسلمين دون غيرهم، فهي سنة كونية إنسانية ملزمة، عقلا وطبعا وشرعا، وأي حياد عنها فهو تسفل في درجات الإنسانية، وعلو في دركات البهيمية، وأي عاقل إذا أحسن استخدام عقله، وحافظ على فطرته، فإنه سيوافق في سلوكه سنة الله في خلقه. حين تطلق الزوجية فإنه يراد بها دوما تلكم العلاقة والرابطة بين جنسين مختلفين؛ ذكر وأنثى، يقول عز وجل: ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [النجم: 45]، وهذا الاختلاف الجنسي الفيزيولوجي له تبعات ومقتضيات، وهي في جملتها عبارة عن اختلاف مميزات وطباع وخصائص تتكامل فيما بينها وتتوافق عن طريق عملية الزواج المشروعة من أجل تأسيس أسرة. وعليه، فإن كل علاقة بين نفس الجنس لا تمت لمفهوم الزوجية بصلة، إذ أنها لم تنبن على أولى خطوات الاختلاف الجنسي المعتبر، لذلك نجد التعنيف القرآني للذين خالفوا هذا المقتضى، كما هو شأن قوم لوط إذ قال الحق بشأنهم ﴿ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ] فسمى الحق سبحانه فعلهم هذا بالعدوان والاعتداء الصريح، والذي يعني مجاوزة الحق وتجاوز السنن الكونية التي خلق الحق عليها الخلق.


وهذه المعاني المذكورة آنفا تنسحب على جميع أصناف الأزواج، والزوج الآدمي أسمى هذه الأصناف وأكرمها ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]؛ فكانت بذلك هذه السمات والمميزات تتماهى والزوجية الآدمية وغيرها من أضرب الزوجية. وقد جاءت مجموعة من التشريعات التي تحفظ هذا المبدأ منها مثلا منع العلاقات الشاذة؛ فمعلوم في الشريعة الخاتمة تحريم اللواط والسحاق، وذلك لمقاصد كثيرة وحكم عديدة على رأسها مخالفة الفطرة الإنسانية؛ إذ تخرج هذه السلوكات الشاذة عن الحد الطبيعي لتلبية داعي الغريزة، لأنه خروج عن سنن الله في خلقه، ومخالفة للشارع في قصده، فهو تلبية لداعي الشهوة في غير محلها. وضبط موازين الفطرة هو أساس حفظ الإنسان وضابط حفظ نظام العالم والاجتماع الإنساني، وإذا اختلت الموازين اختل الاجتماع الإنساني وآذن بالخراب. التعارف لغةً مصدر تعارف يتعارف، وتعارف القوم أي عرف بعضهم بعضا، وعرَفه يعرِفه عِرفةً وعِرفانا وعَرفانا أي علِم [] ، قال الراغب: المعرفة والعرفان: إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، فهي أخص من العلم، وتستعمل المعْرِفَةُ في العلم القاصر المتوصّل به بتفكّر، ويضادّ العلم الجهل ويضاد المَعْرِفَةُ الإنكار؛ قال تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها﴾ [النحل: 83] [].


ومقاصديا يفيد التعارف تبادل المعارف والتعاون بين الناس للارتقاء والنهوض، ويقابله التناكر الذي يؤدي إلى الخصام والتناحر. قال الحق سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]، وجعلت علة جعل الله إياهم شعوبا وقبائل، وحكمته من هذا الجعل أن يتعارف الناس، أي يعرف بعضهم بعضا. والتعارف يحصل طبقة بعد طبقة متدرجا إلى الأعلى، فالعائلة الواحدة متعارفون، والعشيرة متعارفون من عائلات إذ لا يخلون عن انتساب ومصاهرة، وهكذا تتعارف العشائر مع البطون والبطون مع العمائر، والعمائر مع القبائل، والقبائل مع الشعوب لأن كل درجة تأتلف من مجموع الدرجات التي دونها» []. وقال أيضا: «وما انتشرت الحضارات المماثلة بين البشر إلا بهذا الناموس الحكيم» [].


فيمكن القول إنه من بين مقاصد الزواج بين الذكر والأنثى التعارف الذي يعتبر آلية مهمة لترسيخ الترابط الاجتماعي والحد من الصراع المجتمعي بتوثيق الأواصر بين الأسر والأهالي، وتحقيق الاندماج داخل الجماعة والمجتمع، فينمو الإحساس بالأخوة الإيمانية ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]،المبنية على الاعتصام بالله الواحد الأحد، ونبذ كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التفرق والتشرذم ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ]، فيصير « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا » []. والتعارف من المقاصد الأسرية غير المنصوص عليها في السياقات القرآنية الأسرية، لكن عدم النص عليه لا يلغي كونه مقصدا؛ فالمقصد منه منصوص عليه أو مشار إليه، ومنه ما علم بدليل آخر ومسلك استقرئ من ذلك المنصوص.


وذلك أن ما نص عليه من هذه المقاصد التوابع هو مثبت للمقصد الأصلي، ومقو لحكمته، ومستدع لطلبه وإدامته، ومستجلب لتوالي التراحم والتواصل والتعاطف، الذي يحصل به مقصد الشارع الأصلي من التناسل؛ فاستدللنا بذلك على أن كل ما لم ينص عليه مما شأنه ذلك مقصود للشارع أيضا، كما روي من فعل عمر بن الخطاب في نكاح أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب طلبًا لشرف النسب، ومواصلة أرفع البيوتات، وما أشبه ذلك؛ فلا شك أن النكاح لمثل هذه المقاصد سائغ، وأن قصد التسبب له حسن» [] ، ومن ثمّ؛ فإن التعارف من المقاصد الأسرية؛ لأنه يمد العلاقات الاجتماعية بين الأهالي ويقوي الأواصر بين الناس على تباعد أمكنتهم وتباين ثقافتهم.


كما أن التعارف هنا يتعدى الجانب الاجتماعي إلى الجانب الثقافي والديني، وفي إطار هذا المقصد التعارفي نفهم إباحة الحق سبحانه الزواج من الكتابية بناء على الأصل، خصوصا في إطار وجود مشترك أخلاقي يتمثل في الإحصان والعفة، حيث تم تقييد النكاح بالكتابية بقيد قيمي كما جاء في قوله سبحانه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[المائدة : 5] قال ابن كثير: «والظاهر أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا، كما في الآية الأخرى: ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾ [النساء: 25]» [] ،كما أن هذا الزواج سيمكن من تحقيق الحوار بين ثقافات مختلفة وشرائع متعددة، مما يجعل تحقيق هذا القصد التعارفي المؤسس على المشترك الأخلاقي والقيمي. كما حرم الحق سبحانه كل علاقة من شأنها أن توقع في الشقاق والتنافر، بدل المودة والتعارف، كالزنا مثلا، بل جعل زنا المحصن أشد لأن المحصن مرتبط بعلاقة زوجية أخرى. وهذا القصد إذا تم تعميقه فإنه سيكون آلية مهمة لتجذير العمران الاجتماعي والارتباط الإنساني بين مكونات المجتمع.


إن حصر المقاصد الأسرية في القرآن الكريم أمر عسير في هذه الدراسة، لكن حسبي أني سعيت إلى إعادة ترتيب المقاصد باعتبار الغايات الكبرى التي ينشدها الاجتماع الأسري، وربطها بمقتضيات الإنسان وأحوال العمران، ومراعاة السياق العالمي المعاصر ومآلاته على السياق العربي الإسلامي. وقد جاء الحديث عن الأسرة في هذا البحث يرنو الارتقاء نحو التعالي الذي يضع الثوابت، ويحدد المقاصد، وينظر للعصر المتغير، وينشد تحقيق هذه المقاصد وتنزيلها في هذا الواقع الزئبقي، إذ إن ما يبقي على بصيص الإنسانية في العالم السائر نحو الجنون ما هو إلا الأنوار الإلهية والمحمدية التي ترشد السائرين في طريق الله. فالعقلانية الحديثة لا تشِي دومًا بالإيجابيات، والإشكالات الغربية لسنا بمعزل عنها إن لم نجابهها بروح القرآن وفهم العصر، فلو تأملنا لوجدنا أن حفظ الأسرة مقصد المقاصد؛ إذ يحفظ الإنسان أولا ويحفظ الاجتماع الإنساني ثانيا، لذلك تأتي فلسفة «السيولة» لتفكك الاجتماع وتهدم الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن «السيولة» كما هي حاصلة في عدد من المجتمعات لم تقع جملة واحدة، وإنما أتت من بعد تنظيرات ثقافية جرّبت في الإنسان نظرياتها القاتلة رغبة في تخفيف ما رأته إصرا وأغلالا، وتكريسا لثقافة المتعة محل الشهوة، «إن العقلانية الحديثة السائلة توصي بالعباءات الخفيفة، وتدين الأغلفة الفولاذية» [] ، إذ «يرى العقل الحديث السائل في الالتزامات الدائمة ظلمًا وغما، وفي الارتباط المتين تبعية وتقييدا.


فذلك العقل ينكر الحق في الالتزام والارتباط المكاني أو الزماني، فلا حاجة ولا منفعة لهما يمكن للعقلانية الحديثة السائلة الاستهلاكية أن تبررهما. فالالتزام والارتباط يعكران صفو العلاقات البشرية، مثلما يعكران صفو أي فعل من أفعال الاستهلاك الذي يقوم على الإشباع الفوري للرغبة والتقادم الفوري للمادة المستهلكة» []. فالحياة السائلة هي حياة استهلاكية وكل شيء فيها قابل للاستهلاك، وهذا ما أدى إلى انقلاب في الموازين وتعيير المصالح بمعيار الاستهلاك والسرعة واللذة، بعيدا عن أية التزامات أخلاقية، وأحسب أن المنظرين لهذا الضرب من الحياة لم يخطر على بالهم الخسارة الإنسانية التي ستؤول إليها بشارتهم، «وبالطبع لا طائل من مقارنة كرب الماضي وغمة الحاضر حتى نعلم أيهما أشد وطأة، فكل كرب يؤذي ويعذب في أوانه وبطريقته».


وأود أن أؤكد في الختام أن واقع الأسرة اليوم يشهد تحديات جديدة، ورهانات لا سابق لنا بها، وهذا ما يستلزم أن نعي اختلاف الأسئلة، وتغير السياقات وتركبها، والجمع بين كل المنظورات التي تعالج الظاهرة، والحرص على تقصيد الأسس القرآنية الكلية وإبصار روح العصر بفهم كلي، إيمانا بدور الدين في تدبير شؤون الاجتماع، خصوصا في هذه المرحلة الانعطافية، وكما يقول مصطفى المرابط: «إن تاريخ هذه الحضارة يعلمنا أن عند كل أزمة انعطافية يتعرض فيها ثابت من الثوابت للخطر إلا وتعمل هذه المنظومة على إيجاد منفذ أو إطار يستوعب ويمتص التحولات الحاصلة، فيضحى بالعارض من أجل إنقاذ الثابت، ويلتف على الخطاب المنطوق، وهو الوعاء الذي تتمظهر فيه تلك التحولات، ليحتمي بخطاب غير منطوق أو مسكوت عنه». فالعالم يشهد منعطفا تتجلى معالمه على الإنسان والاجتماع، والنظر للأسرة وفق أفق مقاصدي إنساني من شأنه أن يجعلنا نسائل كل المنظورات الفلسفية التي رسخت ثقافة الاستهلاك والاستمتاع منفصلة عن أي اعتبار قيمي وأخلاقي ومقاصدي، وأحسب أن المعالجة المقاصدية القرآنية للأسرة بالنظر للإنسان من جهة وللعمران من جهة أخرى يمكن أن يشكل لبنة في هذا الصرح الحضاري الجديد، والله الهادي سواء السبيل.


الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، مادة [أسر]. ابن منظور، لسان العرب ، [أسر]. وهبة الزحيلي، الأسرة المسلمة في العالم المعاصر ، ص وأول ما يلاحظ في هذا التعريف عدم الإشارة إلى نوعية الرابطة بين الأب والأم، مما يعتبر مؤشرا لنمو ظاهرة «الارتباط الحر» وقتها، إلا أن تحديد أطراف الأسرة بالأب والأم، في إحالة تأكيدية لجنس الأطراف، يكفينا مؤونة اختلاف الجنسين في تكوين أسرة، بخلاف التعاريف المعاصرة، والتي تدل على فشو الظواهر الشاذة في مجتمعاتها، الأمر الذي ينعكس على مفاهيمها، وقد جاء في النسخ المتأخرة من معجم « لاروس » في تعريف الأسرة: أشخاص تجمعهم روابط الدم والمصاهرة. Larousse: Dictionnaire etymologique et historique du Français , Editions Larousse ولم يشر التعريف إلى نوعية هذه الروابط أو مصدرها، شرعية أو غير شرعية، من جنسين مختلفين، أم من جنس واحد، وهذا البيان أكدته موسوعة لاروس حيث جاء فيها:.


La famille est fondée traditionnellement sur le mariage, union entre un homme et une femme, formant un couple dont sont issus les enfants légitimes. Or, cette description doit être élargie compte tenu des évolutions de la société. Le couple peut être lié par un concubinage [union libre] ou par un pacte civil de solidarité [pacs]. Dans ces deux derniers cas, le couple peut être formé de personnes de même sexe [famille homoparentale]». ومعناه أن الأسرة التقليدية تتأسس على الزواج بين الرجل والمرأة وإنجاب أطفال شرعيين. لكن لا بد من توسيع هذا التوصيف في ضوء تطورات المجتمع، فالشريكان يمكن أن يرتبطان بالمعاشرة الحرة، أو بالاتفاق المدني القائم على التضامن. وفي الحالتين قد يكون الزوجان من نفس الجنس» ص 2- مدينة المنورة سنة وقد ورد في هذا الشرح نسف الدلالات الثابتة لمفهوم الأسرة، بل إنه جلى أن الأسرة قد تتكون من نفس الجنس، وهذا ما جعل بعض المؤتمرات يقترحون مصطلحات أخرى بديلة عن الأسرة نحو مصطلح »المتحدين والمتعايشين «Unions and Couples، بهدف تقنين الشذوذ والإجهاز على الأسرة الفِطرية.


فيتأكد لنا من خلال ما سبق، أن مفهوم الأسرة المذكور صار مفهوما تقليديا تمّ تجاوزه، مما يبين أن الدلالات الأصلية لمفهوم الأسرة انزاحت عن معناها المركزي، حتى غدا مصطلحا يكتسي طابعا نسبيا يتغير بتغير المجتمعات، ويتطور بتطورها، ويتقهقر بانحدارها، وليس هناك نموذج معرفي ثابت يحدد ثوابته. ومنه، نفهم عدم وجود مكونات دلالية ثابتة في ماهية المفهوم، حيث إنها تتغير بتغير الأزمان والخلفيات، والعلة أنه لا يوجد أصل ثابت يتحكم في المفهوم، فيحدد المطلق من النسبي، والثابت من المتغير. أما جهود المحدثين في هذا الباب، فلا يختلف حالها كثيرا عن جهود السابقين».


محمد المنتار، مقاصد القرآن : قراءة معرفية وتقويمية ، ص أحمد حمد، موضوع النسب في الشريعة والقانون ، ص وما بعدها. الحاكم، المستدرك على الصحيحين ، كتاب الطلاق، ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط مسلم، وقد ضعف الألباني الحديث في ضعيف الجامع الصغير ، وجاء في « مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح » للقاري أن معنى «فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته» أي من دين الله ورحمته. وقال التوربشتي في «ولن يدخلها الله جنته»: أي مع من يدخلها من المحسنين، بل يؤخرها أو يعذبها ما شاء إلا أن تكون كافرة. الحاكم، المستدرك على الصحيحين ، كتاب الطلاق، ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط مسلم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير ، بتصرف يسير.


ولمزيد من التفصيل حول المحددات الاجتماعية والآثار النفسية والسلوكية لحضور الأب أو غيابه ينظر: جميلة تِلوت، حفظ النسب وآثاره الاجتماعية والنفسية، مقال سابق. أ - قال تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]. ب - قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]. جـ - قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].


كل الأقسام مقالات بحوث ودراسات إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم الدر الثمين فوائد شرح الأربعين كتب صوتيات مواد مترجمة. الدعاء لمن أتى بصدقة الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح. حديث: صدقة لم يأكل منها الشيخ د. حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية الشيخ د. باب: ترك استعمال آل النبي على الصدقة الشيخ د. حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الشيخ د. شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان التعريف بالخوارج وصفاتهم الشيخ د. حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء الشيخ د. إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة الشيخ د. باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة 2 الشيخ د. باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة 1 الشيخ د. حديث: إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني الشيخ د.


حديث: قد أفلح من أسلم الشيخ د. حديث: ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم الشيخ د. أهداف الأسرة في القرآن الكريم. عبدالحليم عويس. أهداف الأسرة في القرآن الكريم 1- سيدنا آدم عليه السلام : قال تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]. وصية نوح لأولاده: وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي والصفات عن عبدالله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصر عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وُضِعن في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كِفة، لرجحت بهن، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة، لقصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء، وأنهاك عن الشرك والكبر".


الحوار في الأسرة الأسرة في الإسلام القرآن الكريم : معناه واشتقاقه الإسلام والأسرة.



قال تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]. قال تعالى: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42]. قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ [التحريم: 10]. وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي والصفات عن عبدالله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصر عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وُضِعن في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كِفة، لرجحت بهن، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة، لقصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء، وأنهاك عن الشرك والكبر".


ب - قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: ]. جـ - قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: ]. د - قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].


هـ - قال تعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: ]. أ - قال تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38]. ب - قال تعالى: ﴿ وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [النساء: 9]. جـ - قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].


كل الأقسام مقالات بحوث ودراسات إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم الدر الثمين فوائد شرح الأربعين كتب صوتيات مواد مترجمة. الدعاء لمن أتى بصدقة الشيخ د. عبدالله بن حمود الفريح. حديث: صدقة لم يأكل منها الشيخ د. حديث: هو لها صدقة، ولنا هدية الشيخ د. باب: ترك استعمال آل النبي على الصدقة الشيخ د. حديث: «كخ كخ، ارم بها، أما علمت أنا لا نأكل الشيخ د. شرح حديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان التعريف بالخوارج وصفاتهم الشيخ د. حديث: ألا تأمنوني؟ وأنا أمين من في السماء الشيخ د. إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوي إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة الشيخ د. باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة 2 الشيخ د. باب: إعطاء من سأل بفحش وغلظة 1 الشيخ د. حديث: إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني الشيخ د. حديث: قد أفلح من أسلم الشيخ د.


حديث: ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم الشيخ د. أهداف الأسرة في القرآن الكريم. عبدالحليم عويس. أهداف الأسرة في القرآن الكريم 1- سيدنا آدم عليه السلام : قال تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38]. وصية نوح لأولاده: وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي والصفات عن عبدالله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصر عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله؛ فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وُضِعن في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كِفة، لرجحت بهن، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة، لقصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء، وأنهاك عن الشرك والكبر".


الحوار في الأسرة الأسرة في الإسلام القرآن الكريم : معناه واشتقاقه الإسلام والأسرة. الأسرة السعيدة بين الواقع والمأمول خطبة مقالة - آفاق الشريعة أهداف الأسرة مقالة - آفاق الشريعة أهداف القصة في القرآن مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز دور الأسرة في علاج وتدريب الطفل المعاق مقالة - مجتمع وإصلاح كتاب: أهداف ذو الحجة من أضواء السنة النبوية وعلى النبي أفضل الصلاة والسلام PDF كتاب - ملفات خاصة أهداف الاستشراق مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري أهداف تعليم اللغة العربية كلغة ثانية للناطقين بغيرها PDF كتاب - مكتبة الألوكة بعض المبادئ الموجهة للسلوك الإداري نحو تحقيق أهداف المشروع التربوي مقالة - مجتمع وإصلاح ما السبيل إلى تحقيق أهداف العملية التعليمية؟ مقالة - مجتمع وإصلاح أهداف ومهام الاستعمار مقالة - ثقافة ومعرفة.


أضف تعليقك: إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد الاسم البريد الإلكتروني لن يتم عرضه للزوار الدولة عنوان التعليق نص التعليق رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي. مرحباً بالضيف. الألوكة تقترب منك أكثر! سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة. سجل الآن. في نشر مشاركتك في نشر الألوكة. سجل بريدك. كُتَّاب الألوكة. فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية متطوعون مسلمون يحضرون حزمة طعام للمحتاجين في ديترويت فعالية تعريفية بالإسلام في مسجد هارتلبول إعادة افتتاح أكبر مسجد في بريطانيا. أضف تعليقك:. إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد. لن يتم عرضه للزوار. رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي.


حفظ كلمة المرور نسيت كلمة المرور؟. تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية!



مفهوم الأسرة في القرآن,

Webأهداف الأسرة في القرآن الكريم 1- سيدنا آدم (عليه السلام): قال تعالى: ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَ Webالمساعدة على تعلم اللغة العربية لغة القرآن وتشر كتب اللغة العربية وعلومها وغيرها Webفالأسرة لها أهمية کبرى في حياة الفرد المجتمع ؛ لأجل ذلک ذکرها الله سبحانه وتعالى في عدة سور من القرآن الکريم ومن ضمن هذه السور ؛ سورة البقرة فسورة البقرة وردت فيها أحکام الاسرة ، ومن هذا المنطلق تطرقت لهذا البحث؛ فهذه السورة اشتملت على عدة أحکام ؛ WebMay 2,  · الأسرة في القرآن والسنة تتكوَّن الأسرةُ في الإسلام من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف الدعوات التخريبية الهدَّامة التي تجعل الأسرة القانونية من الجنس المتماثل: رجلًا ورجلًا، وامرأة Webآيات قرآنية عن الأسرة في الإسلام. ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا WebJul 23,  · أهداف الأسرة في القرآن الكريم (مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس) مقاصد القرآن (3): تكوين الأسرة وإنصاف المرأة (مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري) الأسرة في القرآن والسنة (مقالة - مجتمع ... read more



وبعد أن ذكرنا بعض المقاصد ا الحاكم، المستدرك على الصحيحين ، كتاب الطلاق، ، وقال الذهبي في التلخيص : على شرط مسلم، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير ، مقالات متعلقة بأيام دولية. فالأسرة لها أهمية کبرى في حياة الفرد المجتمع ؛ لأجل ذلک ذکرها الله سبحانه وتعالى في عدة سور من القرآن الکريم ومن ضمن هذه السور ؛ سورة البقرة فسورة البقرة وردت فيها أحکام الاسرة ، ومن هذا المنطلق تطرقت لهذا البحث؛ فهذه السورة اشتملت على عدة أحکام ؛ ومعظم الأحکام التشريعية : في العقائد ، والعبادات ،والمعاملات والأخلاق ، وفي أمور الزواج ، والطلاق ، والعدة، وغيرها من الأحکام الشرعية ، وعلى سبيل المثال : "احکام الصوم ، أحکام الحج والعمرة ،وأحکام الجهاد في سبيل الله ، شئون الاسرة وما يتعلق بها ، من الزواج والطلاق ، والرضاع ، والعدة ،تحريم نکاح المشرکات ، والتحذير من معاشرة النساء في حالة الحيض ، وغيرها من الأحکام ؛ کتحريم الربا ، فسورة البقرة فيها جل أحکام التشريع الاسلامي. أمها فاطمة بنت زائدة، قرشية من بن ولذلك نجد علماءنا أولوا هذا المقصد عناية كبرى؛ يقول الشاطبي: «النكاح مشروع للتناسل بالقصد الأول» [30] ، ويقول في موضع آخر: «والنكاح لا يخفى ما فيه مما هو مقصود للشارع؛ من تكثير النسل، وإبقاء النوع الإنساني» [31] ، والعلة في ذلك، كما يقول ابن قيم الجوزية، هي «دوام النوع إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم» [32].



ولعل ما أفضى إلى خرق عظيم فيها يعد في الشرع محذورا وممنوعا، وما أفضى إلى حفظ كيانها يعد واجبا» []. أدب الجاحظ، بحث تحليلى فى حياته وسيرته - السندوبي وتتعدد تجليات الرحمة في العلاقات الأسرية في القرآن الكريم؛ مما يؤكد أن الرحمة هي المقصد الحافظ للاجتماع الأسري والتراحم الأسري هو أساس التراحم الاجتماعي، كما تعد الرحمة كليّا مقاصديا تندرج تحته مقاصد أخرى، فإذا جاز وصف شِرعة الإسلام بوصف جامع فهي شِرعة المرحمة؛ ولا ريب أن جعل الله من خصائص هذه الشرعة أن نسخت شِرعة الإصر والأغلال. ملاحظة: نشر هذا النص الاسرة في القران الكتاب التالي: مقاصد القرآن الكريم 3 : مجموعة بحوث، ، مؤسسة الفرقان بالتراث الإسلامي، مركز دراسات مقاصد الشريعة الإسلامية، لندن، ص الاسرة في القران إنسان يدرك هذه الظاهرة، ويحس ما وراءها من راحة ولذة ومتاع وتجدد دون الحاجة إلى علم غزير. ب- تشريع العدة :وقد حدد الشارع مدد العدة بثلاث مقاييس زمنية اختلفت باختلاف أصناف النساء: عدة الأقراء، وعدة الأشهر، وعدة الحبل [60].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة